وصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى دولة الإمارات في ثالث محطة والأخيرة ضمن جولته لدول الخليج، ليكون بذلك ثاني رئيس أميركي يزور الدولة منذ الزيارة التي قام بها جورج بوش الابن في عام 2008، وكان في استقباله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس البلاد.
وتمثل هذه الزيارة محطة مفصلية في مسار العلاقات الإماراتية الأميركية الممتدة منذ أكثر من خمسة عقود، وتطلعات البلدين، ورغبتهما المشتركة في دفع آفاق التعاون نحو مستويات جديدة.
وقال ترمب أثناء زيارته لقطر إنه يتوجه اليوم الخميس إلى دولة الإمارات التي لديها قائد رائع.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن زيارة الرئيس ترمب إلى الإمارات تمثل «عودة تاريخية إلى الشرق الأوسط»، في حين أشار مراقبون إلى أن اختياره لمنطقة الخليج محطة أولى له يؤكد على الأهمية المتزايدة التي توليها الولايات المتحدة للدور المحوري للمنطقة، وعلى الساحة الدولية.
وتعود العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى عام 1971، حيث افتتحت الإمارات سفارتها في واشنطن في 1974، وردّت الولايات المتحدة بفتح سفارتها في أبوظبي خلال العام ذاته. وخلال العقود الماضية، تطور هذا التحالف ليشمل التعاون السياسي، والعسكري، والاقتصادي، والتنموي، بالإضافة إلى شراكات واعدة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، والطاقة المتجددة، واستكشاف الفضاء.
ويشكل الجانب الاقتصادي أحد أهم الملفات في زيارة ترمب، حيث تُعد الإمارات من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد بلغت قيمة التجارة غير النفطية بين البلدين في عام 2024 نحو 32.8 مليار دولار، فيما تحتل الولايات المتحدة المرتبة السادسة بوصفها أكبر شريك تجاري للإمارات عالمياً، والأولى خارج آسيا.
وتُقدّر الاستثمارات الإماراتية في الولايات المتحدة بنحو تريليون دولار، موزعة على قطاعات تشمل الطيران، والطاقة، والتكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، مما يعكس الثقة المتبادلة بين الجانبين.
وتتطلع الإمارات للتعاون مع الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث شهد عام 2024 إبرام شركتا «G42» الإماراتية و«مايكروسوفت» اتفاقاً بقيمة 1.5 مليار دولار، كما تم الإعلان عن عدة شراكات استراتيجية لإنشاء مراكز للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر، وتعزيز مبادرات المسؤولية الرقمية عبر مؤسسة الذكاء الاصطناعي المسؤول، وهي الأولى من نوعها في المنطقة.
كما تشكل الشراكة العالمية للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، التي أُعيدت تسميتها مؤخراً بمشاركة «إنفيديا» و«إكس إيه آي»، نقلة نوعية في التعاون التكنولوجي، وتهدف إلى تعبئة استثمارات تصل إلى 100 مليار دولار.
ويبرز التعاون الفضائي بين الإمارات والولايات المتحدة منذ نجاح «مسبار الأمل» في عام 2021، وتواصل من خلال مشاريع مشتركة مع «ناسا»، أبرزها مشاركة الإمارات في مشروع «Lunar Gateway» عبر تطوير وحدة دعم الحياة لرواد الفضاء. كما ستشهد المرحلة المقبلة إرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى مدار القمر ضمن هذا المشروع العالمي.
في الوقت الذي يشكل التعاون النووي أحد المجالات التي سيتم التطرق لها، حيث أكد محمد الحمادي، الرئيس التنفيذي لشركة «الإمارات للطاقة النووية»، أن التعاون الإماراتي الأميركي في الطاقة النووية يشكل نموذجاً عالمياً، حيث تعمل الإمارات مع كبرى الشركات الأميركية في تطوير تقنيات متقدمة، ومفاعلات مصغرة، مشيراً إلى شراكات استراتيجية مع «تيراباور»، و«إكس إنيرجي»، و«جنرال أتوميكس».
إلى ذلك قال الدكتور ثاني الزيودي، وزير الدولة للتجارة الخارجية، إن الزيارة تعكس الإرادة المشتركة لتعزيز الشراكة الاقتصادية، مضيفاً أن هناك فرصاً واعدة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والطاقة، والتنمية الصناعية المستدامة.
من جهته، أكد سهيل المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، أن زيارة الرئيس ترمب تمثل ركيزة جديدة في مسيرة التعاون الثنائي، لافتاً إلى أن الإمارات تتطلع إلى مضاعفة استثماراتها في الطاقة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية، وتوسيع شراكاتها في مجالات الذكاء الاصطناعي، والنقل الذكي.