فقدت حاسة الشم؟ قد تكون هذه أولى علامات الزهايمر!
يشير فقدان حاسة الشم إلى أنه قد يكون من أولى العلامات التحذيرية المبكرة لمرض الزهايمر، لكن الأسباب الدقيقة لهذا التغير الحسي ظلت غير واضحة لفترة طويلة. إلا أن دراسة ألمانية حديثة كشفت أن الخلل لا يكمن في الأنف أو البصلة الشمية نفسها، كما كان يُعتقد، بل في منطقة عميقة في الدماغ تُعرف بـ"الموضع الأزرق" أو الخلية الزرقاء (Locus Coeruleus).
وفقًا لموقع "New Atlas"، واستنادًا إلى ما نُشر في دورية Nature Communications، أجرى باحثون من "المركز الألماني للأمراض العصبية" (DZNE) و"جامعة لودفيغ ماكسيميليانز" (LMU) في ميونخ دراسة لفهم سبب ظهور فقدان حاسة الشم في المراحل المبكرة من الزهايمر، أي قبل أن تظهر أعراض مثل فقدان الذاكرة.
الموضع الأزرق.. مركز عصبي مهم ومهمل
يركّز الباحثون على الموضع الأزرق، وهي منطقة صغيرة في جذع الدماغ لم تنل حظًا كافيًا من الدراسة، رغم دورها الحيوي في تنظيم العديد من الوظائف، منها تدفق الدم في الدماغ، ودورات النوم، والانتباه، وكذلك المعالجة الحسية، ومنها الشم.
تجربة على الفئران تكشف الخلل
استخدم الباحثون نموذج فأر يحاكي المراحل المبكرة للزهايمر، وركزوا على المحاور العصبية الممتدة من الموضع الأزرق إلى البصلة الشمية، حيث تتم المعالجة الأولى للروائح. ولا تحمل هذه المحاور إشارات شم مباشرة، بل تنقل النورأدرينالين، وهو ناقل عصبي ينظم الإشارات الحسية والانتباه.
ورغم أن الخلايا العصبية ظلت سليمة، إلا أن الباحثين رصدوا تدهورًا في هذه المحاور العصبية، ما أدى إلى ضعف القدرة على تمييز الروائح. باستخدام تقنية iDISCO+ المتقدمة، رسم الباحثون خريطة ثلاثية الأبعاد توضح هذا التدهور بدقة.
الخلايا الدبقية تلتهم المحاور العصبية
عند الفحص الدقيق، وجد الباحثون أن سطح المحاور العصبية أظهر تعبيرًا غير طبيعي لجزيء يُعرف بـ"فوسفاتيديل سيرين"، والذي يعمل كإشارة تحفيزية لـ"الخلايا الدبقية الصغيرة" – وهي خلايا مناعية في الدماغ – لتقوم بابتلاع هذه المحاور والتخلص منها.
وقد أكدت التجارب السلوكية أن الفئران المصابة بهذا التدهور العصبي أظهرت صعوبة ملحوظة في تمييز الروائح.
نتائج مماثلة في أدمغة بشرية
لتأكيد النتائج، فحص الباحثون أنسجة دماغية لأشخاص متوفين كانوا مصابين بالزهايمر، ووجدوا علامات مشابهة لتدهور المحاور العصبية في المسار الواصل بين الموضع الأزرق والبصلة الشمية. كما أظهرت صور الأشعة المتقدمة (PET scan) للأشخاص الذين يعانون من مراحل مبكرة من الزهايمر أو ضعف إدراكي خفيف وجود اضطرابات في هذا المسار العصبي.
إمكانيات واعدة للتشخيص المبكر
قال الدكتور لارس بايجر، الباحث في المشروع، إن "نتائجنا تشير إلى أن التغيرات في الألياف العصبية بين الموضع الأزرق والبصلة الشمية قد تكون من أولى علامات الزهايمر، وتقوم بتنبيه الخلايا الدبقية إلى وجود خلل ما، فتبدأ بإزالة هذه الألياف".
ويفتح هذا الاكتشاف الباب أمام أدوات تشخيصية تعتمد على فحص حاسة الشم، وربما إلى تطوير علاجات وقائية تستهدف هذه التغيرات المناعية المبكرة، قبل ظهور الأعراض الإدراكية المعروفة.
من جانبه، قال البروفيسور يواكيم هيرمس من DZNE: "قد تساعد هذه النتائج في التعرف المبكر على المرضى المعرضين لخطر الزهايمر، مما يتيح بدء الفحوصات المؤكدة والعلاج بوقت أبكر، ويزيد من احتمالية نجاح العلاجات مثل الأجسام المضادة لأميلويد بيتا".