لطالما ارتبط شكل الرقبة من الناحية الجمالية بمفاهيم الجاذبية، خاصة لدى النساء، حيث يُعدّ سمك الرقبة مصدر قلق شائع. لكن بعيدًا عن البعد الجمالي، توصلت أبحاث علمية حديثة إلى أن زيادة محيط الرقبة قد تكون مؤشرًا خفيًا لمخاطر صحية جدّية، تتجاوز بكثير مجرد المظهر الخارجي.
فوفقًا لعدد من الدراسات، فإن سمك الرقبة لا يعكس فقط تراكم الدهون السطحية، بل يُعد مؤشرًا دقيقًا على الدهون الحشوية العميقة، وهي الدهون التي تحيط بالأعضاء الحيوية وتفرز مركبات التهابية وهرمونات تؤثر سلبًا على صحة القلب والأوعية الدموية، وتعيق أيض الدهون والسكر.
محيط الرقبة.. أداة تشخيص غير جراحية
أوضح الدكتور أحمد آل بدوي، أستاذ الكيمياء في جامعة كينغستون البريطانية، في مقال نشره على موقع "ذا كونفرزيشن"، أن محيط الرقبة يمكن أن يكون أداة بسيطة وغير جراحية لتقييم مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، حتى لدى الأفراد ذوي الوزن الطبيعي.
ووفقًا لدراسة نشرتها مجلة جمعية القلب الأميركية (AHA)، فإن محيط الرقبة يصبح مقلقًا عند تجاوزه 43 سم لدى الرجال و35.5 سم لدى النساء. كما كشفت الدراسة أن النساء ذوات الرقبة العريضة أكثر عرضة لخطر الإصابة باضطراب الرجفان الأذيني بما يصل إلى خمس مرات مقارنةً بمن لديهن رقبة نحيفة، بصرف النظر عن مؤشر كتلة الجسم أو محيط الخصر.
المضاعفات الصحية لا تتوقف عند القلب
لكن الأمر لا يقتصر على القلب وحده. فقد ربطت دراسات أخرى بين اتساع محيط الرقبة وزيادة احتمالية الإصابة بـ:
السكري من النوع الثاني
سكري الحمل
انقطاع التنفس أثناء النوم (Sleep Apnea)
واللافت أن هذه المخاطر تزداد حتى لدى الأشخاص الذين يتمتعون بوزن طبيعي، مما يعني أن الشكل الظاهري أو الوزن الإجمالي لا يعكسان دائمًا الحالة الصحية بدقة.
هل هناك داعٍ للقلق؟
رغم ما سبق، لا داعي للفزع الفوري عند قياس محيط الرقبة. فحتى الآن، لم تُعتمد معايير قياس موحّدة عالميًا، وقد تختلف القيم "الحرجة" تبعًا للعرق ونوع الجسم.
ما الذي يمكن فعله؟
لحسن الحظ، يمكن تقليل محيط الرقبة – وبالتالي الدهون الحشوية – عبر خطوات بسيطة تشمل:
ممارسة الرياضة بانتظام
اتباع نظام غذائي متوازن
النوم الجيد
وهي عادات تُساهم في تحسين الصحة العامة وتقليل مخاطر الأمراض المزمنة.
تمارين بسيطة لتحسين مرونة الرقبة
رغم أن فقدان الدهون يتم عبر الجسم كله، إلا أن تقوية عضلات الرقبة تساعد على تحسين مظهرها ودعم الصحة العامة. من التمارين الموصى بها:
تدوير الرقبة: قف أو اجلس بوضع مستقيم، ثم قم بتحريك الرأس ببطء للنظر إلى اليسار، ثم إلى اليمين. كرر التمرين من 5 إلى 10 مرات.
إمالة الرأس الجانبية: أمِل الرأس نحو الكتف مع إبقاء الكتفين مستويين. حافظ على الوضعية لـ10 ثوانٍ، ثم كرر على الجانب الآخر.
الإمالة الأمامية والخلفية: أمل رأسك للخلف لعدة ثوانٍ، ثم عد إلى الوضع الطبيعي. كرر من 5 إلى 10 مرات.
الرسالة الأهم: الدهون الزائدة ليست مجرد رقم على الميزان
سواء وُجدت في البطن، أو الخصر، أو الرقبة، تبقى الدهون الزائدة عامل خطر صامت يجب عدم تجاهله. ومحيط الرقبة، رغم بساطته، قد يُشكل أداة مهمة لمراقبة صحتنا بعيون جديدة.
