زيارة ومسيرات.. علاقات مصر وتركيا تعطي المنطقة وجها جديدا
تقترب العلاقات بين مصر وتركيا من دخول مرحلة جديدة من التطبيع عقب قطيعة دامت عقدًا من الزمن، في خضم الاستعداد لزيارة مُرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبالتزامن مع الإعلان عن موافقة أنقرة على تزويد مصر بطائراتها المسيرة التي تحظى بشعبية متزايدة.
ويعتقد مسؤولون ومراقبون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنَّ تطوير العلاقات بين القاهرة وأنقرة سيكون لها انعكاسات واسعة على أمن المنطقة، بالنظر إلى البعد الاستراتيجي للدولتين وثقلهما في الإقليم، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من اتساع دائرة التهديدات بالنظر لاستمرار القتال في جبهات شتى، سواءً ما يحدث في غزة، أو ما يدور في السودان، أو القضايا التي كانت تمثل نقاطًا خلافيّة على رأسها الأزمة الليبية وقضية ترسيم الحدود البحرية وملف الطاقة بالبحر المتوسط.
ماذا يجري؟
من المُنتظر أن يزور أردوغان القاهرة في 14 فبراير الجاري للقاء نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، حسبما نقلت بلومبرغ ووكالة أنباء أنكا التركية، نقلًا عن مسؤولين أتراك؛ لتحسين مناخ العلاقات بين البلدين، في أول زيارة له منذ أن رفعت أنقرة والقاهرة مستوى العلاقات بينهما مجددا إلى مستوى السفراء.
بحسب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان فمن المقرر أن يناقش أردوغان مع السيسي القضايا الثنائية والإقليمية، ومنها التجارة والطاقة والأمن.
في يوليو 2023، أعلن البلدان إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء، بعد قرابة عقد من الخلاف والمناوشات الإعلامية المتبادلة.
استأنف الرئيسان التواصل خلال الأشهر الماضية، إذ تصافحا في نوفمبر 2022 على هامش كأس العالم لكرة القدم في قطر، ثم لقائهما على هامش اجتماع مجموعة العشرين في العاصمة الهندية، نيودلهي، في سبتمبر الماضي، كما تواصلا في مرات عدة منها في فبراير 2023، بعد زلزال مدمر ضرب تركيا وسوريا وأودى بعشرات الآلاف، ثم تباعا في تهنئة كلاهما بفوزه في الانتخابات الرئاسية.
كانت آخر زيارة لأردوغان إلى مصر في نوفمبر 2012، بعد زيارة مشابهة خلال سبتمبر 2011، وكان آنذاك رئيسًا للوزراء.
الأحد، كشف وزير الخارجية التركي عن موافقة بلاده وافقت على تزويد مصر بطائراتها المسيرة التي تحظى بشعبية متزايدة، قائلًا إن "تطبيع علاقاتنا مهم بالنسبة لمصر لكي تكون لديها تقنيات معينة. لدينا اتفاق لتزويد مصر بطائرات مسيرة وتقنيات أخرى"، حسبما نقلت رويترز.
تعد طائرة بيرقدار TB2 التركية من أفضل الطائرات من دون طيار في العالم من حيث الاستخدامات المتعددة، حيث إنها تأتي بطول 6.5 متر وعرض 12 مترا، وقدرة على التحليق بحمولة تصل إلى 650 كيلوغراما كحد أقصى، ومدى يصل إلى 150 كيلومترا، وبسرعة تصل إلى 70 عقدة (130 كيلومترا في الساعة) وقدرة على الطيران لمدة تصل لأكثر من 24 ساعة من دون توقف.
انعكاسات استراتيجية
بدوره، اعتبر رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي، في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن العلاقات بين القاهرة وأنقرة تسير في الاتجاه الإيجابي التصاعدي "وهذا أمر مهم للغاية في حد ذاته".
وقال العرابي إن هذا التطور المتلاحق في مسار العلاقات سيكون له الكثير من الانعكاسات الاستراتيجية، بالنظر لحاجة الإقليم إلى أكبر قدر من التعاون أكثر من المواجهة.
وأضاف: "أعتقد أن الدولتين لديهما هذا الإدراك، حيث تهتمان بتعزيز التعاون من أجل الحفاظ على الاستقرار في هذه المنطقة المشتعلة، وسيكون التقارب المصري التركي أحد دعائم استقرار الإقليم الذي أصبح على فوهة بركان الآن".
ووصف رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، زيارة أردوغان للقاهرة منتصف الشهر الجاري بأنها "تأتي في توقيت مناسب جدًا، وستكون خطوة رئيسية في دعم الاستقرار ومحاولة الوصول إلى بعض الحلول لموضوعات أصبح شبه مزمنة في المنطقة".
ولفت العرابي الذي أبدى تفاؤلًا واسعًا بزيادة أردوغان، إلى تجاوز النقاط الخلافية التي كانت تمثل عائقًا أمام تطبيع العلاقات بين البلدين، على رأسها الأزمة الليبية والموقف من جماعة الإخوان الإرهابية، قائلًا إن "التحديات التي تواجه الإقليم تجعل الدول ذات الرسوخ في المنطقة تتجاوز بعض المشاكل وتنظر إلى البعد الاستراتيجي للمنطقة بشكل عام، وبالتأكيد هناك بعض الاختلاف في وجهات النظر إزاء بعض المسائل لكن الهدف الرئيسي والاستراتيجي هو التعاون من أجل الوصول لتخفيض لحدة التوتر بالإقليم الذي نعيش فيه، وبالتالي فمصر وتركيا لديهما من الإدراك على تجاوز بعض الخلافات إن كانت لا تهدد الأمن القومي لأي منهما وهذا هو المنهج الذي ستسير عليه الدولتين خلال المرحلة المقبلة".
وأشار إلى أن الحرب في غزة سيكون على رأس جدول الأعمال خلال الزيارة المرتقبة للرئيس التركي، موضحًا أنه "عندما تلتقي وجهات النظر المصرية-التركية فمن شأنه أن يولد قوة دفع لحل هذه القضية، تسهيل عبور المساعدات الإنسانية والمضي قدمًا في جهود وقف القتال".
وتابع: "من المؤكد أن اللقاء بين الرئيسين السيسي وأردوغان سيكون له جوانب إيجابية كثيرة وانعكاس على كل المشاكل الإقليمية التي أصبحنا نعيش فيها، خاصة أن الدولتين لهما تأثير وتشابك وتقاطع مع ملفات كثيرة".