زياد الرحباني... فنان ثائر جدد صوت فيروز وغيّر المسرح اللبناني

زياد الرحباني... فنان ثائر جدد صوت فيروز وغيّر المسرح اللبناني

لم يكن زياد الرحباني فنانًا عاديًا، بل كان حالة فنية وفكرية نادرة، جمعت بين التمرّد والحنين، وبين العبث والسخرية العميقة، فاستطاع أن يخط لنفسه خطًّا خاصًا داخل إرث الرحابنة العريق، قبل أن يتحوّل إلى ظاهرة ثقافية طبعَت وجدان جيلٍ كامل من اللبنانيين والعرب.

منذ أن اقتحم ابن السابعة عشرة خشبة المسرح عام 1973 بمسرحية "سهرية"، بدا واضحًا أن وريث فيروز وعاصي لا يسير فقط على خطى العائلة، بل يتقدّمها أحيانًا بأسلوبه الخاص. كان الانتقال من عالم الحكايات الرحبانية الحالمة إلى واقع بيروت المجروح خطوة جريئة، لكنها شكّلت بداية لصوت جديد، صوت نقدي، مشاكس، لم يتردّد في أن يواجه الجميع... حتى نفسه.

في عزّ الحرب الأهلية، أطل زياد بأعمال مسرحية مثل "بالنسبة لبكرا شو؟" (1978)، و"فيلم أميركي طويل" (1980)، و"شي فاشل" (1983)، فحملت هذه النصوص الساخرة واللاذعة صرخة جيلٍ عاش الانقسام والخوف والخيبة. وعلى الرغم من أن العاصمة كانت مقسومة بين شرقية وغربية، كانت تسجيلات زياد تتجاوز المتاريس، وتدخل كل بيت، وتحفظها الألسنة عن ظهر قلب، شرقًا وغربًا.

ورغم أن أعماله المسرحية بعد الحرب مثل "بخصوص الكرامة والشعب العنيد" (1993) و"لولا فسحة الأمل" (1994) لم تحقق الضجيج نفسه، إلا أن زياد ظلّ حاضرًا بصوته، بموسيقاه، وبحسّه السياسي الذي لم يفقد حدّته.

موسيقار التجديد

لكن المسرح لم يكن الساحة الوحيدة التي برع فيها زياد، بل شكّلت الموسيقى قلب تجربته. وإذا كان المسرحيون يرونه "موسيقارًا يكتب النصوص"، فإن كثيرين يعدّونه من أهم من طوّر الأغنية العربية الحديثة. ففي التسعينيات، ساهم في تجديد صوت فيروز، وأخرجها من عباءة الصورة المثالية القديمة، نحو تعبير أكثر واقعية وحميمية، من خلال ألبومات مثل "كيفك إنت" و"إيه في أمل".

وكانت بصمته واضحة أيضًا في ألبوماته الخاصة مثل "هدوء نسبي" و"إلى عَلمي"، حيث مزج الجاز بالموسيقى الشرقية، وتناول مواضيع يومية بلغة شاعرية ناقمة في آن. لم يكن يغني عن الحب فقط، بل عن الهمّ، عن الدين، عن الكفر، عن الضجر، عن روتين المدينة التي تنهار ببطء.

رجل المعرفة والعزلة

ورغم نجوميته، عاش زياد الرحباني حياة بسيطة، شبه منعزلة، بعيدًا عن الأضواء، لا يهتم بالمال أو الشهرة. وصفه أصدقاؤه بالمثقف الموسوعي، رجل لم يكن يعيش إلا للفن والفكر. وكان حلمه في سنواته الأخيرة أن ينقل تجربته إلى أوروبا، لكنه لم يتمكّن من تنفيذ مشاريعه العالمية.

عانى في نهاية حياته من مشاكل صحية أثّرت على نشاطه الفني، لكنه بقي بالنسبة لكثيرين "الأيقونة الحيّة"، الرمز الذي لا يُستبدل ولا يُكرَّر.

الثائر الذي لم يهدأ

يُقال إن زياد تمرّد على آل الرحباني، لكنه في الحقيقة طوّر تراثهم. لم يهدم المعبد، بل فتح نوافذه، وترك هواءً جديدًا يدخل. ربما كان أكثرهم صدقًا، وأكثرهم ألمًا أيضًا. ومع رحيله، لا يغيب فقط فنان، بل تُطوى صفحة من تاريخ لبنان الثقافي، صفحة كان عنوانها الدائم: الصدق، السخرية، والحنين إلى بلدٍ أجمل.

قراءة المزيد

مصر تكتشف بصمة يد بشرية على قطعة أثرية تعود لـ4 آلاف عام

مصر تكتشف بصمة يد بشرية على قطعة أثرية تعود لـ4 آلاف عام

اكتشفت بصمة يد تركت قبل 4 آلاف عام على أثر طيني صنع ليوضع داخل قبر مصري، وذلك أثناء التحضير لمعرض في أحد المتاحف. وقالت هيلين سترودويك عالمة المصريات في متحف فيتزويليام في كامبريدج إن بصمة اليد الكاملة "النادرة والمثيرة" ربما تكون قد تركها صانع القطعة الذي لمسها قبل

4 قتلى بإطلاق نار في بانكوك... وانتحار المنفِّذ

4 قتلى بإطلاق نار في بانكوك... وانتحار المنفِّذ

قتل أربعة حراس أمنيين وأصيب شخص في إطلاق نار وقع، الاثنين، في سوق شعبية لبيع الطعام في بانكوك على ما أعلنت الشرطة التايلاندية. وقال وروبات سوكثاي نائب مدير شرطة منطقة بانغ سو في بانكوك حيث وقع الحادث: «الشرطة تحقق في الدافع وحتى الآن الأمر يتعلق بإطلاق نار»، مؤكدا أن مطلق

فوائد مذهلة للوز المنقوع.. حارق دهون طبيعي بين يديك!

فوائد مذهلة للوز المنقوع.. حارق دهون طبيعي بين يديك!

يعتبر اللوز من المكسرات الشهيرة والمفيدة للصحة. فهو غني بالدهون الصحية، والبروتين النباتي، والألياف، ومضادات الأكسدة، ويدعم صحة القلب وضبط سكر الدم والتحكم في الوزن وصحة الجهاز الهضمي، وفق موقع "هيلث". حمض الفيتيك أو الفايتات ولجعله أكثر ليونة وأسهل هضماً، يُحضّر اللوز المنقوع بغمره نيئاً في

وسط إجراءات أمنية مشددة..احتجاجات معارضة للهجرة في بريطانيا

وسط إجراءات أمنية مشددة..احتجاجات معارضة للهجرة في بريطانيا

تظاهر المئات ضد الهجرة في بلدة بريطانية، امس الأحد، في ظل إجراءات أمنية مشددة بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد خلال احتجاجات سابقة مناهضة للمهاجرين. وهذه التظاهرة هي الأحدث ضمن سلسلة تظاهرات في بلدة ابينغ في شمال شرق لندن، حيث وُجهت لطالب لجوء في وقت سابق من يوليو اتهامات بارتكاب