أزمات النظام الإيراني: جذور الفشل تُشعل غضب الشعب

يعيش النظام الإيراني حالة من القلق العميق، ليس بسبب الضغوط الخارجية، بل نتيجة أزمات داخلية متفاقمة تهدد بإشعال انتفاضة شعبية لا يمكن كبحها. في جلسة مجلس النظام يوم الأحد 20 أبريل 2025، كشف أعضاء البرلمان عن واقع مرعب من الانهيار الاقتصادي، الفقر المدقع، وتدهور البنية التحتية، معترفين بأن سخط الشعب يقترب من نقطة الانفجار. هذه الأزمات، المتجذرة في فشل نظام ولاية الفقيه، تُشكل اليوم أكبر تهديد لبقاء النظام.
جذور الأزمات: فشل النظام
كشف النائب حبيبزاده في جلسة 20 أبريل 2025 عن عمق الأزمة الاقتصادية، قائلاً: «التضخم والغلاء دمّرا حياة الناس... الأسعار ترتفع يوميًا، والدخل ثابت... البطالة بين الشباب الجامعي تحولت إلى أزمة وطنية». وأضاف محذرًا من كارثة بيئية تهدد 14 مليون نسمة بسبب جفاف بحيرة أرومية. هذه الأوضاع ليست نتيجة ظروف خارجية، بل تعود إلى سوء إدارة النظام، الذي نهب ثروات البلاد من النفط والغاز لتمويل حروب بالوكالة وبرامج نووية وصاروخية، تاركًا ملايين الإيرانيين تحت خط الفقر.
نكبة الحكم وانهيار الثقة
أشار النائب يزديان إلى أزمة أعمق، قائلاً: «بلادنا تواجه أزمات اقتصادية ومائية وطاقوية، وأخطرها أزمة في الإدارة ونموذج الحكم نفسه». هذا الاعتراف يكشف عن فشل نظام ولاية الفقيه في تقديم حلول مستدامة. الحقول الزراعية جفّت، والمزارعون باتوا بلا عمل، بينما تستمر مشاريع الحرس الثوري في استنزاف الموارد. هذا الفشل أدى إلى انهيار الثقة بين الشعب والنظام، حيث لم تعد الوعود الكاذبة قادرة على تهدئة الغضب الشعبي.
الظلم الاجتماعي يُفاقم الغضب
سلّط النائب بيّوته الضوء على الظلم الاجتماعي، موضحًا أن «أكثر من 70% من ضحايا الحوادث المهنية هم من عمال البناء»، وأن 25 ألف عامل في أردبيل ينتظرون التأمين دون جدوى، بينما تُهمل منظمة الضمان الاجتماعي واجباتها. هذا الإهمال يعكس أولويات النظام، الذي يُفضل تمويل ميليشياته على تلبية احتياجات المواطنين، مما يُفاقم الشعور بالظلم ويُحفّز الاحتجاجات.
الشارع يتحرك: صرخة التغيير
تُترجم هذه الأزمات إلى موجة احتجاجات اجتاحت مدنًا مثل طهران، الأهواز، شوش، أصفهان، كرمان، وورزنه. في طهران، هتف المتقاعدون أمام منظمة الضمان الاجتماعي: «العامل السجين... يجب أن يُحرر»، بينما أغلق تجار السوق محلاتهم احتجاجًا، هاتفين: «كفى!». في الأهواز، ندّد المتقاعدون بحكومة بزشكيان بشعارات مثل: «كلّ هذا الظلم، لم تشهده أمة من قبل!». وفي شوش، عبر المتقاعدون عن معاناتهم قائلين: «نحن جياع ومرهقون!». هذه الاحتجاجات، التي شملت عمالاً ومزارعين ومتقاعدين، تُظهر أن الغضب الشعبي لم يعد محصورًا بمطالب معيشية، بل تحول إلى دعوة لتغيير النظام.
نحو انتفاضة حتمية
تُنذر المؤشرات بقرب لحظة حاسمة. الشعارات مثل «لا نريد شيخًا ولا شاهًا» تعكس وعيًا شعبيًا برفض الاستبداد بكل أشكاله. كل تظاهرة، مهما كانت صغيرة، تُضيف إلى زخم انتفاضة تلوح في الأفق. النظام، الذي أدرك أن صبر الشعب ينفد، يعيش حالة من الرعب، لأن التهديد الحقيقي ليس خارجيًا، بل يكمن في الشارع الإيراني الذي يتحرك بقوة متزايدة.
تكشف أزمات النظام الإيراني عن فشل نظام ولاية الفقيه في إدارة البلاد وتلبية احتياجات شعبه. الانهيار الاقتصادي، الظلم الاجتماعي، والكوارث البيئية، الناتجة عن فساد وسوء إدارة، أشعلت غضبًا شعبيًا يهدد بإسقاط النظام. مع تصاعد الاحتجاجات وتحولها إلى دعوة لتغيير جذري، يقترب الشعب الإيراني من لحظة حسم تاريخية، قد تُعيد تشكيل مستقبل البلاد نحو الحرية والعدالة.