إيران تشتعل من الداخل: لا الحرب ولا التفاوض... بل ثورة شعبية تقول كلمتها

في وقتٍ تتعالى فيه أصوات التهديد بالحرب وتكثُر المراهنات على الاتفاقات الدولية، جاء الرد الحقيقي من الداخل الإيراني، حيث لم يعد الشعب يكتفي بالاحتجاجات المطلبية، بل تحوّلت الغضبة الشعبية إلى حراك ميداني واسع، يضع رموز النظام ومرتكزاته في مرمى نار الرفض.
شعار "إيران لا تحررها لا إسرائيل ولا أمريكا… إيران نحررها نحن، بأيدينا وبنار مقاومتنا" لم يعد مجرّد عبارةٍ عاطفية، بل واقعٌ يُكتب يوميًا في الشوارع والميادين، عبر المواجهات، وزجاجات المولوتوف، والانفجارات التي باتت تطال مؤسسات أمنية ودينية، كانت حتى الأمس القريب محصّنة.
انفجار الغضب الشعبي... حين يتحول الخبز إلى بارود
انطلقت شرارة الاحتجاجات الأخيرة من ارتفاع أسعار الخبز، لكن النيران التي اشتعلت سرعان ما اتّخذت طابعًا سياسيًا صريحًا.
استُهدفت قواعد تابعة لميليشيا "الباسيج" في مدن كـكرمانشاه وبيرجند، بقنابل مولوتوف وعبوات ناسفة. وأُحرقت صور رموز النظام، من خامنئي إلى قاسم سليماني، في طهران ومشهد والأهواز وكرمان.
في تصعيد غير مسبوق، جرى إضرام النار في مؤسسات دينية ومقرات حكومية، يرى المحتجون أنها تجسّد التخلف، والنهب، والتمييز الطبقي باسم الدين.
نهاية "الخوف": الشعب لم يعد يهاب شيئًا
بات واضحًا أن أدوات القمع التي طالما اعتمد عليها النظام لم تعد فعّالة.
الشارع الإيراني اليوم لا يُطالب فقط بلقمة العيش، بل بالكرامة والحرية، ويرفع صوته بعبارات من قبيل: "لقد سُرق كل شيء… لكن إرادتنا لن تُسرق."
الاحتجاجات اتّسمت هذا العام بتنظيم غير مسبوق، يعكس وعيًا سياسيًا متناميًا، ورفضًا كاملاً لسلطة رجال الدين وأذرعهم العسكرية والأمنية.
خيارات الخارج: تفاوض بلا جدوى، وتهديد عسكري بلا تأثير
لعقود، ظل المجتمع الدولي يتأرجح بين خياريْن: التفاوض مع النظام الإيراني، أو التلويح بالخيار العسكري. لكنّ الوقائع الجديدة على الأرض تؤكد أن كلا الخيارين فقد جدواه.
الرهان اليوم، بحسب كثير من المحللين، يجب أن ينتقل إلى الداخل الإيراني، حيث الشعب وحده بات يمسك بخيوط التغيير.
البديل المطروح: خطة تغيير شاملة في 10 نقاط
في مواجهة مشروع ولاية الفقيه الدموي، تطرح المقاومة الإيرانية رؤية التغيير والتي تقوم على:
- إسقاط نظام ولاية الفقيه بجميع أجنحته
- إقامة جمهورية ديمقراطية تعددية
- فصل الدين عن الدولة
- ضمان الحريات العامة والفردية
- المساواة الكاملة بين الجنسين
- احترام حقوق الإنسان وحرية المعتقد
- إلغاء عقوبة الإعدام
- استقلال القضاء
- إنهاء تدخل إيران في شؤون دول الجوار
- تبنّي اقتصاد وطني شفاف وعادل
رؤية تجمع بين البُعد السياسي والإنساني، وتعكس توق الشعب الإيراني إلى العدالة والحرية والكرامة.
خلاصة الموقف: إيران تتحرر بأبنائها... لا بأعدائها ولا بـ"حلفائها"
الاحتجاجات الإيرانية لم تعد مجرّد فورة عابرة، بل تمردًا على نظامٍ بأكمله، بثقافته، وتاريخه، ومؤسساته.
جيلٌ جديد يخرج إلى الشوارع لا بحثًا عن الخلاص من الخارج، بل ليرسم طريق الخلاص بنفسه.
لا تفاوض ينفع.
لا قصف يُجدي.
الحل الوحيد، كما تؤكد الميادين، هو ثورة شعبية منظمة، تحمل مشروعًا ديمقراطيًا واضحًا، وتؤمن بأن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل.
لحظة الحقيقة قد بدأت... وإيران، كما يبدو، تُولد من جديد.