إيران الثورة الشعبية... الأمل المضيء في مواجهة ديكتاتورية الولاية الدينية

تمثل المقاومة الشعبية داخل البلدان الديكتاتورية عاملاً حاسماً ينهي دورة الانقسام والاضطراب التي تميز الأنظمة القائمة على السيطرة المطلقة. في إيران، التي يهيمن عليها نظام ولاية الفقيه منذ أكثر من أربعة عقود، يظهر التاريخ كيف أن المعارضة الداخلية قادرة على زعزعة أسس النظام وتقويض استقراره من الداخل.
منذ تأسيس النظام، ظهرت مظاهر المقاومة في صور متنوعة؛ من احتجاجات الطلاب والمثقفين إلى الحركة النسائية التي طالبت بمساواة الحقوق والحرية في الاختيار. لولا هذا الشعور الجماعي بالظلم والانحطاط الذي طالما رافق النظام، لما تمكّن الشعب من التظاهر بجرأة ضد سياسات التقيد والقيود الدينية التي فُرضت عليهم دون اعتبار لحقوق الإنسان. وقد كانت هذه الحركة تكشف دائماً عن الانقسامات العميقة داخل النظام، تلك الانقسامات التي كانت سبباً في إضعاف الدعم الداخلي للحكومة المتمسكة بمبادئها القديمة.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت الأصوات التي تدعو إلى إنهاء استبداد النظام، وباتت الاحتجاجات تعكس استياءً عميقاً من السياسات التي تقيد حرية التعبير وتمنع تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وكانت المرأة الإيرانية، التي طالما كانت ضحية للسياسات القمعية، في طليعة هذه الحركة؛ مطالبة بإلغاء الأنظمة التي تفرض عليهن ارتداء الحجاب الإجباري وتحديد أدوارهن في المجتمع. وتظل تلك المطالب نواةً أساسيةً في مواجهة الاستبداد، مما يجعلها رمزًا للأمل في مستقبل يتجاوز قيود النظام الديني الشمولي.
تُظهر العديد من شهادات الأشخاص الذين شاركوا في احتجاجات الشوارع والاحتجاجات الإلكترونية أن العملية الثورية ليست مجرد حركة احتجاجية عابرة، بل هي عملية تحول شاملة في الوعي الجماعي. إذ أصبح المواطنون يدركون أن العلاقة مع النظام ليست علاقة قبول غير نقدي، وإنما علاقة تحدٍ نشط يقودها مطالبون بالعدالة والشفافية. وفي هذا الإطار، أطلقت وسائل الإعلام البديلة حملات توعوية تسلط الضوء على الانتهاكات والقيود التي يمارسها النظام ضد حقوق الإنسان، مما ساهم في تجميع الحشود في الميدان وزيادة الضغط على السلطات لإحداث إصلاحات.
إن الثورة الشعبية في إيران ليست بحاجة إلى دعم خارجي للبقاء؛ فهي تتغذى من روح الاستقلالية والثقة التي يتمتع بها الشعب في تحدي القيود المفروضة عليه منذ زمن الثورة. وما يبدو أن النظام قد نساه هو أنه لا يمكن لأي قوة داخلية أن تُكبح إرادة الشعوب التي تتوق إلى الحرية. فكلما زادت الدعوات للإصلاح، تضاءلت معنويات الحشد الشعبي داخل النظام الذي يعتمد على تجزئة الأصوات لكبح جماح المقاومة. وفي هذا السياق، تنمو الدعوات الدولية والتظاهرات عبر مختلف قنوات التواصل، حاملة رسالة مفادها أن مستقبل إيران بيد شعبها.
يُعد مفهوم "المقاومة الشعبية" بذلك مرآةً تعكس التغيرات الهيكلية التي بدأ النظام يشهدها منذ فترة، حيث تتأثر سياساته بقوة المعارضة الشعبية التي لا تقبل بقيود تعيق تطورها واستقلالها. إن هذه الحركة تمثل الأمل الحقيقي في إعادة رسم معالم مجتمع حر ومفتوح، بعيدًا عن قيود ديكتاتورية الولاية الدينية. ومع كل يوم يمر، يزداد الوعي بأن النقد الداخلي المتصاعد للنظام يمكن أن يقود في النهاية إلى تحول جذري في الموازين السياسية.
ختامًا، تمثل الثورة الشعبية الإيرانية قوة لا يستهان بها، وهي الآن في "وحدات الانتفاضة" التابعة لحركة مجاهدي خلق الإيرانية التي انتشرت منذ عشر سنوات في أنحاء البلاد. هذه القوة أدركت أن الحلول الحقيقية لا تأتي من الدعم الخارجي القسري، بل من الداخل، من تصرفات أملٍ وإصرار على نيل الحقوق الأساسية والعيش بكرامة. وهذا يعني أن مستقبل إيران سيكون مشروطًا بتفعيل دور الشعب كمحرك للتغيير، وقد تكون هذه الحركة بداية لنهاية نظام طالما استند إلى تهميش الأصوات الحرة في المجتمع.