أعلن وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني، الاثنين، أن الانفجار الذي وقع السبت في أكبر ميناء تجاري في البلاد سببه «الإهمال» وعدم احترام الإجراءات الأمنية. فيما يستمر عناصر الإطفاء، لليوم الثالث على التوالي، في محاولة إخماد الحريق، وأسفر عن مقتل 46 شخصاً، وفق أحدث حصيلة نشرت اليوم.
وصرح مؤمني للتلفزيون الرسمي «تم تحديد هويات بعض المذنبين وتوقيفهم ... حصل تقصير وخصوصا عدم الالتزام بالإجراءات الأمنية وإهمال على صعيد الدفاع المدني». وأوضح خلال زيارته إلى ميناء رجائي أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة أي جهة أهملت واجباتها على أي مستوى.
وقال مومني «في تمام الساعة 12:04 ظهر يوم الحادث، لاحظنا لهباً صغيراً لم يُحدد سببه بدقة بعد. وفي غضون دقيقة تقريباً، امتدّت النيران بقوة ورافقها انفجار هائل».
وأضاف أن التحقيقات ستركز على مدى الالتزام بإجراءات السلامة، ومدى فعالية الدفاع المدني، وصحة الإعلان عن المواد القابلة للاشتعال.
وأعلن عن تشكيل لجنة مختصّة لجمع الأدلة والوثائق الأولية وإجراء تحقيق دقيق في ملابسات الانفجار.
وتأتي هذه التصريحات بينما تكافح فرق الإطفاء للسيطرة على الحريق، في انتظار استكمال التحقيقات لتحديد السبب الرئيسي للانفجار.
ولم يتضح على الفور سبب الانفجار، لكن مكتب الجمارك في الميناء قال إنه على الأرجح ناتج عن حريق اندلع في مستودع لتخزين المواد الخطرة والكيميائية.
أظهرت صور لكاميرات المراقبة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أن الحادث بدأ بحريق صغير وتصاعد دخان برتقالي إلى بني اللون، قبل أن تنفجر كرة من النار.ويمكن رؤية الحريق وهو يندلع في الحاويات المكدسة في مقابل مستودع فيما تمر رافعة صغيرة بالقرب من الدخان ويظهر رجال يسيرون بالقرب منها.بعد نحو دقيقة وثماني ثوانٍ من ظهور الحريق الصغير وتصاعد الدخان، اندلعت كرة النار أثناء مرور مركبات بالقرب منها وشوهد رجال يجرون محاولين الابتعاد عن الخطر.
وأمر المرشد الإيراني علي خامنئي بإجراء تحقيق شامل لتحديد ما إذا كان هناك "إهمال أو قصد" وراء الكارثة.
قالت فاطمة جرارة، نائبة بندرعباس في البرلمان، إن التحقيق في الانفجار يجب أن يستقصي احتمالين رئيسيين: الإهمال أو العمل التخريبي.
وصرحت لوكالة «دفاع برس» التابعة لوازة الدفاع أن "الشفافية مطلوبة، أياً كان السبب سواء كان تقصيراً أو إهمالاً أو عملاً تخريبياً — يجب تزويد الشعب بمعلومات صادقة وواضحة، وإتاحة الاطلاع على ملابسات الحدث بدقة".
وانتقدت جرارة أيضاً التأخر في إعلام الجمهور، لافتة إلى أن الإبلاغ عن الحادثة لم يتم في الوقت المناسب. واستدركت بقولها: «لا يعقل أن ينهار منجم في يومٍ ما، ثم نشهد في اليوم التالي حادثاً جديداً»، مشيرةً إلى الحاجة إلى مراجعة أساليب إدارة الأزمات في البلاد.
وقع الانفجار السبت في الميناء القريب من مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يمر عبره خُمس إنتاج النفط العالمي.وأفادت وكالة "إرنا" الرسمية نقلا عن مهرداد حسن زاده، مدير إدارة الأزمات في محافظة هرمزجان، أن "عدد قتلى حريق ميناء رجائي وصل إلى 46 قتيلا ... ما زال 138 جريحا فقط في المستشفى".وتجاوز عدد الجرحى الألف إثر انفجارات وحرائق طالت عدة حاويات في الميناء.
ولا يزال دخان أسود كثيف يتصاعد فوق حاويات مكدّسة في ميناء رجائي، وفق لقطات بثّها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة، صباح الاثنين.
وعرض التلفزيون الإيراني صور رجال الإطفاء المنهمكين وهم يعكفون على إخماد النيران وقال إنه سيتم تقييم الأضرار بعد السيطرة تماما على الحريق، فيما بدت أعمدة كثيفة من الدخان تتصاعد فوق الحاويات المكدسة في الموقع.
وتفقد الرئيس مسعود بزشكيان الأحد المستشفيات التي استقبلت الجرحى في مدينة بندر عباس الجنوبية القريبة.ومنذ وقوع الانفجار، أمرت السلطات بإغلاق جميع المدارس والشركات في المنطقة، وحثت السكان على تجنب الخروج "حتى إشعار آخر" ووضع الكمامات الواقية.
في الأثناء، انضمت ثلاث طائرات روسية إلى فرق الإطفاء في بندرعباس. ويتضمن التشكيل الجوي طائرتين ثقيلتي الحمولة لإسقاط المياه، بالإضافة إلى طائرة قيادة، وفقاُ لما نقلته وكالة «مهر» للأنباء.
وجاء ذلك بعد أن قدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه الأحد، واقترح تقديم المساعدة لإيران في إطفاء الحريق.
وأفاد السفير الإيراني في موسكو، كاظم جلالي، في تغريدة على منصة «إكس»، أن السلطات الروسية استجابت فورًا لطلب الدعم ليلًا، وأرسلت ثلاث طائرات متخصصة في مكافحة الحرائق، تشمل طائرتي «بي-200» وطائرة «إليوشن-76» محملة بفرق إغاثة، للسيطرة على حريق ميناء رجائي.
وانتقدت صحيفة "جمهوري إسلامي" الموالية لحكومة مسعود بزشكيان، الوضع الأمني المتردي في إيران.
وأشارت إلى أن الحادثة "لا يمكن فصلها عن السياق الأمني" للبلاد، متسائلة "إن كان هذا الانفجار يشكل نقطة تحول لإنهاء الوضع الراهن".
كما ربطت الصحيفة بين الحادث والجولة الثالثة من المفاوضات الإيرانية الأميركية، معتبرة أن "إسرائيل قد تكون متورطة في الحادث، بسبب فشل محاولاتها لإفشال المفاوضات". وحذرت من احتمال تكرار مثل هذه الحوادث في موانئ أخرى.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصدر على صلة بـ"الحرس الثوري" الإيراني، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إن ما انفجر هو بركلوريت الصوديوم، وهو مكوّن رئيسي في الوقود الصلب للصواريخ.وصرح المتحدث باسم وزارة الدفاع رضا طلائي نيك، للتلفزيون لاحقا أنه "لم تكن هناك أي شحنات مستوردة أو مُصدّرة للوقود العسكري أو للاستخدام العسكري في الموقع".وأرسلت روسيا خبراء للمساعدة على إخماد الحرائق.وأعلنت السلطات يوم الاثنين يوم حداد وطني، بينما بدأت يوم الأحد ثلاثة أيام من الحداد في محافظة هرمزجان، حيث يقع الميناء.وقع الانفجار في وقت شارك فيه وفدان إيراني وأميركي في مسقط في محادثات غير مباشرة رفيعة المستوى حول برنامج طهران النووي قال الجانبان إنها أسهمت في إحراز تقدم.وفي حين يبدو أن السلطات الإيرانية تتعامل مع الانفجار على أنه حادث، إلا أنه يأتي أيضا على خلفية حرب خفية مستمرة منذ سنوات مع عدوتها إسرائيل.وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن إسرائيل نفذت هجوما إلكترونيا استهدف ميناء رجائي في 2020.