إيران بين مطرقة الفقر وسندان المقاومة: انهيار اقتصادي وابتسامة أمل في وجه الظلم

مجتمع بلا فرح… نظام يصنع البؤس ويخشى السعادة
في إيران اليوم، لم يعد الفقر والغلاء مجرد أرقام أو تقارير اقتصادية، بل تحولا إلى واقع يومي يطعن الفرح في قلب المجتمع.
انقطاع الكهرباء المستمر، غلاء الأسعار الجنوني، وتدمير رؤوس أموال الناس، كلها مشاهد تتكرر في كل مدينة وقرية.
بينما يئن المواطن تحت وطأة الأزمات، تعلن السلطات عن “وثيقة السعادة والنشاط الاجتماعي”، في مفارقة تثير السخرية والمرارة.
حتى وسائل الإعلام الحكومية باتت تعترف بأن إيران من أكثر دول العالم حزناً، وأن خطط التنمية والوثائق الرسمية بقيت حبراً على ورق، بلا أثر في حياة الناس.
نواب البرلمان، رغم خضوعهم لكل فلاتر النظام، يقرون اليوم بأن “المتطلبات الدنيا للحوكمة” غير متوفرة، وأن الفساد وسوء الإدارة أجهضا كل محاولة للإصلاح.
في ظل هذه الظروف، يصبح الفرح فعلاً مشبوهاً، والابتسامة مقاومة صامتة في وجه سلطة لا تعرف إلا لغة القمع.
التقارير العالمية تضع إيران في ذيل مؤشرات السعادة، وهذا ليس مجرد رقم، بل انعكاس مباشر لسياسات اقتصادية واجتماعية فاشلة.
التضخم يلتهم الدخول، البطالة تدفع الشباب إلى الهجرة أو اليأس، الأزمات البيئية والصحية تتفاقم، والناس يفقدون الإحساس بالأمان والرفاهية.
حتى الطبقة الوسطى، التي كانت يوماً ما عماد الاستقرار، باتت اليوم تعاني من تآكل القدرة الشرائية وتراجع جودة الحياة.
المقاومة الإيرانية: انتصارات سياسية تزرع الأمل في قلب الظلام
ورغم كل مظاهر القمع والتعاسة، لم يستسلم الشعب الإيراني لقدر البؤس.
على العكس، حول كثير من الإيرانيين الفرح إلى شكل من أشكال المقاومة اليومية، وجعلوا من المناسبات الاجتماعية والسياسية فرصة لتحدي الحزن المفروض عليهم.
الاحتجاجات التي تجتاح المدن ليست فقط صرخة ضد الفقر أو انقطاع الكهرباء، بل هي أيضاً بحث عن كرامة مفقودة وسعادة مسلوبة.
ما يميز المشهد الإيراني في الأشهر الأخيرة هو تزامن هذه الانتفاضات مع انتصارات سياسية غير مسبوقة للمقاومة الإيرانية في المحافل الدولية.
ففي الوقت الذي يزداد فيه القمع في الداخل، حققت المقاومة انتصارات تاريخية في البرلمانات الأوروبية والأمريكية، حيث تبنّى مئات النواب في بريطانيا وفرنسا وألمانيا والكونغرس الأمريكي بيانات تدعم حق الشعب الإيراني في الحرية وتدين قمع النظام.
هذه الإنجازات لم تكن مجرد مكاسب رمزية، بل أرسلت رسالة قوية للنظام بأن العالم لم يعد يتغاضى عن جرائمه، وأن صوت الشعب الإيراني يجد صداه في العواصم الكبرى.
اليوم، يدرك الإيرانيون أن السعادة الحقيقية لا تأتي بوثيقة حكومية أو شعار رسمي، بل هي ثمرة الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
إنهم يؤمنون أن الفرح سيعود إلى إيران عندما يسقط جدار الخوف، وتتحقق المطالب الشعبية في التغيير الجذري.
في هذا الظلام، يبقى الأمل مشتعلاً في عيون من يرفضون الاستسلام، ويواصلون الكفاح من أجل غدٍ أفضل، حيث يكون الفرح حقاً لا جريمة، والسعادة واقعاً لا حلماً بعيد المنال.