بالتوازي مع تجديد مطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحوثيين بالإفراج عن الموظفين الأمميين والإغاثيين، أطلقت واشنطن تحذيرات جديدة لسفن الوقود المتجهة إلى مواني سيطرة الجماعة، ولوَّحت بأنها قد تواجه «عقوبات قاسية» بسبب أن الجماعة لا تزال مصنفة «منظمة إرهابية أجنبية».
وفي حين جاءت التحذيرات في بيان للسفارة الأميركية لدى اليمن، الثلاثاء، كانت واشنطن فرضت حظراً على دخول الوقود إلى مواني سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران ابتداءً من الخامس من أبريل (نيسان) الماضي.
وفي سياق حملة الرئيس دونالد ترمب التي كان أطلقها ضد الحوثيين، استهدفت الضربات الجوية حينها ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للجماعة شمال الحديدة ودمرت مستودعات الوقود؛ تنفيذاً لقرار الحظر.
ومع توقف حملة ترمب ضد الحوثيين بناءً على اتفاق توسطت فيه سلطنة عُمان مقابل التزام الجماعة بعدم مهاجمة السفن الأميركية، استمرت السفن في الوصول إلى مواني الحديدة على الرغم من العقوبات المفروضة من وزارة الخزانة الأميركية.
وقالت السفارة الأميركية لدى اليمن في بيان على منصة «إكس» لا تزال جماعة الحوثيين تُصنّف رسمياً منظمةً إرهابية أجنبية، وعليه؛ فإن «السفن التي تُسلّم أو تفرغ الوقود المكرر بعد 4 أبريل 2025 قد تواجه عقوبات قاسية. كما يُعرّض ذلك السفن وأفراد طواقمها لخطر هجمات الحوثيين أو احتجاز الرهائن».
وأوضحت السفارة أن تفتيش أي سفينة من قِبل آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن لا يعني أنها في مأمن من العقوبات الأميركية، خاصةً تلك السفن والكيانات والأفراد الذين يقدمون دعماً مادياً للحوثيين.
وأشار البيان الأميركي إلى أن إنشاء آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش جاء بناءً على طلب الحكومة اليمنية لتسهيل دخول السلع التجارية المدنية إلى المواني الواقعة خارج سيطرة الحكومة.
وبحسب البيان الأميركي، فإن «الإجراءات التي وضعتها آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش هي لأغراض محدودة لدعم نظام عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المُنشأ بموجب قراره رقم 2216 لعام 2015 وكلاهما مستقل ويجب التمييز بينه وبين أنظمة العقوبات الوطنية الأخرى وإجراءاتها المرتبطة».
يشار إلى أن الجماعة الحوثية استقبلت نحو 1700 غارة جوية وبحرية ضمن حملة ترمب بين 15 مارس (آذار) و6 مايو (أيار)، قبل أن تتعهد بالتوقف عن مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وعلى الرغم من الدمار الذي لحق بأرصفة المواني الخاضعة للحوثيين في الحديدة ومستودعات التخزين جراء الضربات الأميركية والإسرائيلية المتكررة، فإن الجماعة لجأت إلى استخدام الطرق البدائية لتفريغ الشحنات من غواطس السفن إلى مقطورات الشحن مباشرة.
مناشدة أممية
ولمناسبة مرور عام كامل على أوسع حملة اعتقالات حوثية لموظفي الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجماعة إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين.
وقال غوتيريش في يونيو (حزيران) من هذا العام، يمر عام كامل على الاحتجاز التعسفي لعشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية ومنظمات المجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية على يد الحوثيين.
وجدد الأمين العام دعوته للإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين، وكذلك عن أولئك الذين تم احتجازهم منذ عامي 2021 و2023، ومن احتجزوا مؤخراً في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وجدد غوتيريش التعبير عن بالغ الإدانة لوفاة موظف من برنامج الأغذية العالمي أثناء احتجاز الحوثيين له في وقت سابق من هذا العام. وقال: «حتى الآن، لم تُقدم سلطات الأمر الواقع الحوثية أي توضيح بشأن هذه الواقعة المؤسفة»، مجدداً الدعوة إلى إجراء تحقيق فوري وشفاف وشامل ومساءلة المسؤولين عن وفاة الموظف.
وإذ عبَّر أمين عام الأمم المتحدة في بيانه عن بالغ التضامن مع جميع المحتجزين في اليمن وعائلاتهم، شدد على أنه «لا ينبغي بأي حال من الأحوال استهداف موظفي الأمم المتحدة وشركائهم في المجال الإنساني، أو تعريضهم للاعتقال أو الاحتجاز، أثناء قيامهم بمهامهم المكرّسة لخدمة غيرهم».
وأضاف بالقول: «إن استمرار الاحتجاز التعسفي لزملائنا يُجسّد ظلماً فادحاً بحق من لم يدخروا جهداً في تقديم المساعدات المنقذة للحياة، وفي دعم الشعب اليمني. لقد فرض هذا الوضع مزيداً من القيود على قدرتنا على العمل بفاعلية، كما قوّض الجهود المبذولة للتوسط نحو مسار يُفضي إلى السلام».
وناشد الأمين العام للأمم المتحدة الحوثيين مجدداً الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفياً، وخصوصاً مع حلول عيد الأضحى المبارك، وقال مستعطفاً الجماعة: «آن الأوان لتغليب قيم الرحمة، ووضع حدّ لمعاناة العائلات التي ما زالت تقضي الأعياد بلا أحبائها».
وطمأن غوتيريش المحتجزين بأنهم ليسوا «منسيين»، ووعد بأن الأمم المتحدة ستواصل العمل عبر «جميع القنوات الممكنة لضمان إطلاق سراحهم الآمن والفوري».
ودعا الأمين العام في بيانه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى مواصلة التعبير عن تضامنها مع المحتجزين، وتعزيز جهود المناصرة من أجل الإفراج عنهم.