أول قانون جمركي في أميركا: بداية الحقبة التجارية

بين عامي 1775 و1783، خاضت المستعمرات الثلاث عشرة، التي أصبحت لاحقًا الولايات المتحدة، حرب الاستقلال ضد الاستعمار البريطاني. انتهت هذه الحرب رسميًا في 3 سبتمبر 1783 بتوقيع اتفاقية باريس، التي اعترفت فيها بريطانيا باستقلال الولايات المتحدة.
تداعيات الحرب على الاقتصاد الأميركي
عانت الولايات المتحدة من تدهور اقتصادي كبير عقب انتهاء حرب الاستقلال. فقد كانت البلاد في حاجة ماسة إلى موارد مالية لإعادة هيكلة البلاد وإنعاش الاقتصاد، نتيجة لعدم كفاية المداخيل الحكومية. خلال زمن الحرب، تحولت العمالة من الزراعة والتجارة التقليدية إلى التصنيع والقرصنة. ومع نهاية الحرب، اختفت بعض هذه المهن، مما زاد من أزمة البطالة.
تزامن هذا مع انخفاض الطلب على السلع التي ابتدئ التركيز عليها أثناء الحرب، وفتح السوق الأمريكية أمام السلع الأوروبية الرخيصة، مما أدى إلى انهيار العديد من الشركات المحلية التي لم تستطع منافسة تلك السلع.
دعوات لإقرار قانون الرسوم الجمركية
وقبل إقرار أول قانون للرسوم الجمركية، تلقى الكونغرس الأميركي عرائض من أصحاب الأعمال والمصنعين يطالبون فيها بضرورة اتخاذ إجراءات لمواجهة تدفق السلع الأوروبية الرخيصة التي تهدد الصناعة والتجارة الوطنية. في تلك الفترة، كان الكونغرس الكونفدرالي يعاني من ضعف كبير، مما أثر على قدرته على التحكم في السوق وضبط دخول السلع الأوروبية، خاصة البريطانية.
إقرار أول قانون للرسوم الجمركية
مع تفاقم أزمة الديون التي تعاني منها الولايات المتحدة بسبب حرب الاستقلال، أصبح من الضروري فرض الرسوم الجمركية. حيث منح الدستور الأمريكي الكونغرس صلاحية فرض ضرائب. ومع تراكم الأزمات، بدأ الكونغرس في التشاور حول كيفية فرض ضرائب على السلع الأجنبية كوسيلة لتعزيز خزينة الدولة.
وجاءت الآراء متباينة داخل الكونغرس، حيث دعم النواب من الشمال فرض رسوم عالية لحماية الصناعة، بينما فضل النواب من الجنوب أن تكون الرسوم منخفضة للحفاظ على واردات السلع الرخيصة. بعد مشاورات طويلة، تم تمرير قانون الرسوم الجمركية لعام 1789 بضغط من النائب عن ولاية فرجينيا، جيمس ماديسون، الذي أصبح لاحقًا رئيس البلاد.
تفاصيل القانون وأثره على الاقتصاد
ووقع الرئيس جورج واشنطن القانون في 6 يوليو 1789، والذي فرض رسومًا جمركية بقيمة 60 سنتًا على كل طن من السلع المستوردة عبر السفن الأجنبية، و30 سنتًا على كل طن مستورد عبر السفن الأمريكية مستأجرة من قبل أطراف أجنبية، و6 سنتات فقط على السلع المستوردة عبر السفن المملوكة للأميركيين.
وكان الهدف من هذا القانون هو دعم الحكومة الفيدرالية وحماية الصناعة الناشئة، بالإضافة إلى توفير إيرادات إضافية لخزينة الدولة لسداد الديون. وقد ساهم هذا التشريع في وضع أساس للاقتصاد الأمريكي ووضعه على مسار التعافي والنمو.
وفي المحصلة، مثل إقرار أول قانون للرسوم الجمركية في تاريخ الولايات المتحدة خطوة حاسمة في تعزيز الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستقلال الاقتصادي بعد فترة من التبعية والغزو التجاري. وقد أدت التأثيرات الإيجابية لهذا القانون إلى دعم الحكومة الناشئة وتثبيت أقدام الولايات المتحدة على الساحة العالمية.