أوقفت السلطات التركية 4 من مسؤولي ورسامي الكاريكاتير في مجلة «ليمان» الكاريكاتيرية الأسبوعية الساخرة بسبب نشر رسم ساخر مسيء للمعتقدات الدينية والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
في الوقت ذاته، واصلت السلطات حملاتها ضد مسؤولين وموظفين في البلديات التابعة لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، واعتقلت 157 من المسؤولين ببلدية إزمير، غرب تركيا، بينهم رئيسها السابق، فجر الثلاثاء، في إطار تحقيقات في فساد مزعوم في مقاولات وأعمال بناء.
وفجَّر رسم كاريكاتيري، نشرته مجلة «ليمان» في عددها الأخير الصادر الخميس الماضي، غضباً وتنديداً قوياً من المسؤولين الحكوميين وبين المحافظين الأتراك؛ إذ عُدّ، على نطاق واسع، تعليقاً على الوئام الديني بين المسلمين واليهود في مقابل الصراع على الأرض بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية.
وأظهر الرسم شخصين يتصافحان في السماء، ويتبادلان السلام، أحدهما يقول: «السلام عليكم أنا محمد» والآخر يرد: «وعليكم السلام أنا موسى»، وكأنه يصور النبيين محمد وموسى وهما يتصافحان في السماء، بينما تتطاير الصواريخ في الأسفل في مشهد حرب.
وأصدر مكتب المدعي العام في إسطنبول قراراً بجمع عدد المجلة من الأسواق. وذكر، في بيان، أنه بدأ العمل على حجب حسابات مجلة «ليمان» على مواقع التواصل الاجتماعي.
كاريكاتير مسيء للنبي
وقال وزير العدل، يلماظ تونتش، إنه تم فتح تحقيق بموجب المادة 216 من قانون العقوبات التركي، التي تجرّم التحريض على الكراهية والعداء، وتم إصدار أوامر اعتقال لـ6 أشخاص في المجمل.
واعتُقل في إطار التحقيق، الذي فتحه مكتب المدعي العام لإسطنبول، رئيس التحرير التنفيذي لمجلة «ليمان»، ظفر أكنار، ومصمم الغرافيك، جبرائيل أوكتشو، وصاحب الرسم المسيء، دوغان بهلوان، ومدير المؤسسة، علي ياووز.
وأفادت مصادر بأن مالك المجلة، تونجاي أكغون، ورئيس التحرير أصلان أوزدمير، اللذين صدر بحقهما أمر اعتقال، موجودان خارج البلاد.
ونشر وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، مقطع فيديو على حسابه في «إكس» يظهر فيه ضباط شرطة وهم يعتقلون رسام الكاريكاتير، دوغان بهلوان، قائلاً: «أدين مرة أخرى أولئك الذين يحاولون زرع الفتنة من خلال رسم كاريكاتيري لنبينا محمد، لقد تم القبض على الشخص الذي رسم هذه الصورة الخسيسة، وتم احتجازه. سيحاسب هؤلاء الأشخاص الوقحون أمام القانون».
وبعد ردود الفعل الغاضبة على الرسم الكاريكاتيري على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت صورٌ لتجمع العشرات من الأشخاص أمام مبنى المجلة، حيث هاجموا المبني وقاموا بركل بوابته محاولين الدخول، لكن قوات الشرطة تصدت لهم وفرَّقتهم باستخدام الرصاص المطاطي ورذاذ الفلفل.
وكتبت «جمعية فرسان الشرق الأعظم» عبر حسابها في «إكس» إنها لن تتوقف حتى ترفع راية التوحيد على مبنى المجلة.
واعتذرت المجلة، التي عُرفت بدعمها القضية الفلسطينية في بيان على حسابها في «إكس»، للقراء الذين شعروا بالإساءة، وقالت إن الكاريكاتير قد أسيء فهمه، وإنه سعى إلى تسليط الضوء على «معاناة رجل مسلم قُتل في الهجمات الإسرائيلية، اسمه محمد».
وأضافت: «تحذير لمن ينشرون حول هذا الموضوع: هذا الكاريكاتير ليس رسماً للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، اسم محمد هو من بين أكثر الأسماء التي يستخدمها المسلمون في العالم تكريماً للنبي، وهناك 200 مليون مسلم يحملون هذا الاسم، الكاريكاتير لا يصور النبي ولم يتم رسمه للسخرية من القيم الدينية».
ووصفت المجلة بعض التفسيرات بأنها «خبيثة بشكل متعمد»، وحثت السلطات القضائية على التحرك ضد ما وصفته بـ«حملة تشويه»، وطالبت قوات الأمن بحماية حرية التعبير.
وحظرت ولاية إسطنبول، الثلاثاء، الاجتماعات والمظاهرات وأغلقت مداخل ميدان تقسيم وشارع الاستقلال في منطقة بي أوغلو، كما أغلقت محطات المترو والنقل العام المؤدية إلى ميدان تقسيم ونشرت مديرية أمن إسطنبول آلافاً من عناصر الشرطة حول المنطقة لمنع الاستفزازات والاعتداء على مبنى المجلة والعاملين فيها.
اعتقالات جديدة في المعارضة
على صعيد آخر، نفذت السلطات التركية، فجر الثلاثاء، القبض على 157 شخصاً في إزمير، غرب تركيا، من بينهم أعضاء في حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، ورئيس بلدية المدينة السابق، تونش سويار، في إطار تحقيق يتعلق بمزاعم فساد واحتيال وتلاعب في مناقصات بالمدينة.
وجاءت الحملة الجديدة، ضمن سلسلة من الحملات التي تستهدف البلدبات التابعة لحزب الشعب الجمهوري، بدأت باعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في 19 مارس (آذار) الماضي تبعها اعتقال 10 رؤساء بلديات تابعة لها.
وقال نائب حزب الشعب الجمهوري عن مدينة إزمير، مراد باكان، إن «عملية الفجر» الجديدة في إزمير هي عملية مماثلة لما حدث في إسطنبول... النظام القضائي يتصرف بناءً على ما يتلقاه من أوامر.
وكتب إمام أوغلو، الذي يعدّ المنافس السياسي الأبرز للرئيس رجب طيب إردوغان، الذي مر على اعتقاله 100 يوم، من محبسه في سجن سيليفري عبر حساب «مكتب المرشح الرئاسي» الذي يستخدمه على منصة «إكس»: «هل يجب على هذا البلد أن يستيقظ كل صباح على فوضى جديدة، وعمليات جديدة، ومؤامرات جديدة؟ ألن تسمحوا لنا أبداً بالحديث عن الأجندة الحقيقية للبلاد ومشاكل الشعب؟».
وعدّ إمام أوغلو اعتقالات إزمير جزءاً جديداً من البيئة القمعية التي تحاول الحكومة السيطرة عليها، لافتاً إلى أنها نفذت قبل تجمع حزب الشعب الجمهوري في ساراتشهانه أمام بمنى بلدية إسطنبول، مساء الثلاثاء، بمناسبة 100 يوم على اعتقاله.
وأضاف: «الغرض الوحيد هو تضييق الخناق على المعارضة الاجتماعية أكثر، مهما فعلتم (الحكومة)، لم تنجحوا في إقناع الشعب بالصورة التي تحاولون خلقها، ولن تنجحوا، هذا الشعب العزيز على دراية بكل ما يجري».