تأجيل مفاوضات روما... تجسيد لمأزق نظام ولاية الفقيه

في وقتٍ يسعى فيه النظام الإيراني بكل قوّته لترويج صورة عن استمرار المفاوضات مع الولايات المتحدة، أفادت مصادر إعلامية بتأجيل الجولة الجديدة من المحادثات في روما بين ممثلي النظام والحكومة الأميركية. هذا التأجيل، بخلاف دعاية وسائل الإعلام التابعة للنظام، يُعدّ دليلاً واضحاً على المأزق الاستراتيجي لخامنئي في الساحة الدبلوماسية.
ووفقاً لشبكة الميادين نقلاً عن مصادر إيرانية، فإن هذا التأجيل جاء بسبب ما وصفته بـالمواقف المتناقضة لإدارة ترامب بشأن المفاوضات. كما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن لم تؤكد يوماً مشاركتها في هذه الجولة من المفاوضات. كل هذا يكشف بوضوح أن النظام يفتقد الطرف المقابل الجاد، ولا يملك أيّ تأثير على مسار الأمور.
ازدواجية النظام الدعائية أمام برودة الواقع
في حين يدّعي عباس عراقجي أن النظام "أكثر عزماً من أي وقت مضى على التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن"، فإن عدم تأكيد الجانب الأميركي على المفاوضات وتأجيلها العملي يُرسل رسالة صريحة: لا توجد جدية لدى واشنطن في العودة إلى طاولة التفاوض، والنظام عاجز عن فرض شروطه أو كسر عزلته.
تهديدات ترامب: دائرة العقوبات تشتد
في الوقت نفسه، أعاد دونالد ترامب رفع وتيرة التصعيد ضد النظام الإيراني. فقد أعلن صراحةً: "يجب إيقاف جميع مشتريات النفط أو المنتجات البتروكيماوية الإيرانية فوراً". وأضاف أن أيّ دولة أو فرد يتعامل مع النظام الإيراني في هذا المجال، سيُدرج فوراً تحت العقوبات الثانوية، وسيُحرم من أي شكل من أشكال التعامل التجاري مع الولايات المتحدة. كما أن تعيين "مايك والتز" سفيراً في الأمم المتحدة يعكس اتجاهاً نحو سياسة أكثر حزماً في مواجهة النظام.
خامنئي محاصر بالأزمات
تأجيل المفاوضات، تشديد العقوبات، العجز الاقتصادي، واتساع الاحتجاجات الشعبية، كلها مؤشرات على أن نظام ولاية الفقيه يعيش في حصار داخلي وخارجي شامل. لم يعد قادراً على التقدم في المفاوضات، ولا على احتواء الغليان الشعبي في الداخل. أما ما كان يُعرف بـ"المرونة البطولية"، فلم تعد تُجدي حتى في تقديم عروض دعائية.
في ظل هذا المأزق، تبرز المقاومة الإيرانية كقوة منظمة وواضحة الرؤية تقدم حلاً جذرياً: إسقاط النظام واستبداله بنظام ديمقراطي شعبي حر. إن الموقف الحازم للمقاومة، الرافض للمساومة، والداعي إلى تغيير جذري، يجد اليوم صدىً واسعاً في الأوساط الدولية والرأي العام. وتثبت مجريات الأحداث صحة رؤية المقاومة: لا تفاوض يجدي مع هذا النظام، ولا إصلاح ممكن. الحل الوحيد هو التغيير الجذري.
مأزق شامل
إن تأجيل مفاوضات روما، إلى جانب التهديدات الاقتصادية المتزايدة من واشنطن، والأزمة الداخلية العميقة، تكشف حقيقة واحدة: خامنئي في مأزق شامل. لم تعد عروض التفاوض تنطلي على أحد، وأدوات البقاء التي اعتاد عليها النظام باتت عديمة الفعالية. وفي هذا المشهد المهتز، تبرز المقاومة الإيرانية كخيار وحيد واقعي، تمتلك مشروعاً سياسياً واضحاً، وتأثيراً وطنياً ودولياً متزايداً، يقود إيران نحو مستقبل حر ومزدهر.