تأجيل جديد للمفاوضات... ومأزق خامنئي يتعمّق

ضربة دبلوماسية جديدة تلقّاها نظام ولاية الفقيه، مع إعلان تأجيل المفاوضات بين طهران وواشنطن، وسط أزمة داخلية خانقة، وارتباك استراتيجي بات يفضح هشاشة النظام وافتقاده لأي رؤية للحل.
اذ أكد وزير خارجية سلطنة عمان، بدر البوسعيدي، أن المفاوضات التي كانت مقررة بين إيران والولايات المتحدة بعد غد السبت، في روما، قد تأجلت لأسباب "لوجستية". وأضاف أنه سيتم الإعلان عن تواريخ جديدة بعد التوصل إلى اتفاق ثنائي بين الجانبين.
وكان مايكل والتز، مستشار الأمن القومي الأميركي، قد صرح في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" قبل ساعات، أن ستيف ويتكوف، كبير مفاوضي الإدارة الأميركية، "مستعد لعودة إيران إلى طاولة المفاوضات".
بحسب ما نقلته قناة "الميادين"، فإن مصادر إيرانية أرجعت السبب إلى "المواقف المتناقضة من جانب الإدارة الأمريكية"، و"محاولتها تغيير الإطار المتفق عليه مسبقاً". غير أن هذا التبرير لا يصمد أمام واقع أكثر تعقيداً: النظام الإيراني هو من يناور، لا من يفاوض، وهو من يسعى إلى كسب الوقت، لا إلى حلّ الأزمة.
لقد انتهى زمن كسب الوقت. اللعبة انكشفت. خامنئي لا يريد مفاوضات، بل يريد أن يشتري مزيداً من الوقت للهروب من استحقاقات الداخل، واحتواء الغليان الشعبي المتصاعد، ومحاولة إعادة ترتيب أوراقه بعد خساراته الإقليمية المتلاحقة، خصوصاً في سوريا.
لكنّ سياسة التسويف والمماطلة لم تعد تجدي. التأجيلات المتكررة ليست علامة قوة، بل اعتراف ضمني بأن النظام عاجز عن اتخاذ قرار حاسم، وأنه يُفاوض تحت ضغط الانهيار لا من موقع المبادرة.
المقاومة الإيرانية
وفي خضم هذا المشهد المرتبك، تبرز مجدداً مواقف المقاومة الإيرانية التي طالما وجّهت خطاباً مباشراً إلى خامنئي:
"تفضّل، تعالَ إلى التفاوض... ولكن ليس مع الغرب، بل مع الشعب الإيراني. تعالَ إلى طاولة المحاسبة على جرائمك، لا إلى طاولة المساومة على مستقبل إيران."
المقاومة كانت أول من كشف حقيقة هذه المفاوضات: ليست طريقاً لحل الأزمة، بل وسيلة لخداع الداخل وكسب الوقت، بينما الشعب يزداد فقراً، والاقتصاد ينهار، والثقة الدولية تتبخّر.
النظام في مأزق، وزمن المناورة انتهى. إما التغيير الجذري... أو الانهيار الكامل.
إيران تعلق
أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي في تصريح للصحفيين، عن تغيير موعد انعقاد الجولة المقبلة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، والتي كان من المقرر عقدها يوم السبت 3 مايو في روما.
وأوضح المتحدث أن هذا التأجيل تم إعلانه من قبل وزير خارجية سلطنة عمان، مشيراً إلى أن اقتراح التأجيل جاء من الجانب العماني، وسيتم الإعلان لاحقاً عن الموعد المحتمل الجديد بعد الاتفاق بين الأطراف.
وأكد بقائي مجدداً على إرادة بلاده في "الاستفادة من الدبلوماسية لتحقيق المصالح المشروعة والقانونية للشعب الإيراني وإنهاء العقوبات والضغوط الاقتصادية التي تستهدف الحقوق الإنسانية ورفاهية كل فرد من أبناء الشعب الإيراني، مشدداً على أن الوفد الإيراني، ومنذ بداية مشاركته في هذه المفاوضات، قد دخلها بحسن نية، واضعاً أُطراً واضحة تستند إلى المبادئ الثابتة للجمهورية الإسلامية الإيرانية وفقاً للقانون الدولي في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية ورفع العقوبات غير القانونية، وقد أظهر جديته في إجراء مفاوضات قائمة على النتائج، بهدف التوصل إلى تفاهم عادل، منطقي ومستدام، وسيواصل هذا المسار بثبات واقتدار".
التفاصيل الفنية
وكانت الولايات المتحدة وإيران قد اختتمتا يوم السبت الماضي الجولة الثالثة من المحادثات النووية، واتفقتا على الاجتماع مجددًا في 3 مايو، وفقًا لتصريح وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، الذي يتوسط بين الطرفين.
وكانت محادثات مسقط يوم السبت هي المرة الأولى التي تطرق فيها الطرفان إلى التفاصيل الفنية لاتفاق نووي محتمل، وخاصة القيود التي تريد الولايات المتحدة فرضها على البرنامج النووي الإيراني والعقوبات التي تريد إيران رفعها.
وقال مسؤول أميركي كبير في بيان أُرسل إلى الصحفيين: "كانت المحادثات في مسقط إيجابية وبناءة. لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به، ولكن تم إحراز مزيد من التقدم نحو التوصل إلى اتفاق".