ثمن حكم الطوائف

ثمن حكم الطوائف

منذ العام ٢٠٠٥ اي تاريخ اغتيال رئيس وزراء لبنان الرئيس رفيق الحريري ولبنان يُعد بمصاف الدول الفاشلة، اي ومؤسسات لا تعمل، تعرف حروب وعنف وانفجارات، تعاني من فراغات في مراكز الحكم لا تسطيع ملئها، واخيرا افلاس مالي. في هذه الحالة تسود نوع من شريعة الغاب حيث كلمة الفصل هي للاقوى ومنذ ٢٠٠٥ حزب الله هو الأقوى والأعنف والاجراء يستند الى دعم خارجي ودعم داخلي وسلاح ومال وتنظيم اجتماعي وعسكري لا مثيل له في الشرق الاوسط.
المشكلة هي ان لبنان دولة فاشلة منذ تأسيسها. بمعنى ان الانتقال من الحكم العثماني الى الحكم الفرنسي الكولونيالي وصولا الى الجمهورية اللبنانية واستقلال ١٩٤٣ كان انتقالا صوريا فقط، لأن الكيانات التى الفّت المجتمع اللبناني ابقت على العقد الاجتماعي المرتكز على الانتماء الطائفي لكل مكون من مكوناته التي ورثته من الامبراطورية العثمانية في شكل نظام أسمته نظام الملل الذي حصر تعامل الامبراطورية العثمانية والأقليات الدينية من خلال رأسها الديني.

طبعا كان هناك شكل جمهورية بالمعنى الغربي للجمهورية، اي كان هناك دستور، ومجلس نواب ومجلس وزراء كما رئيس جمهورية، وجيش وقضاء، ولكن كان هناك ايضا ”ميثاق وطني“ غير مكتوب اجمع عليه المسيحيون الموارنة والمسلمون السنة قبيل اعلان الاستقلال وهو نوع من دستور مرادف يعلو على الدستور اللبناني ويناقضه ويعتمد على فلسفة التوافق بين الطوائف الاساسية في لبنان كأداة حكم ويوزع المناصب العامة على المذاهب مع اعطائه افضلية للمسيحيين الموارنة كضمانة لهم من قبل المسلمين بعدم جر لبنان الى اي نوع من دمج في اطار عربي او اسلامي.
ظن احد الاباء المؤسسين لهذه النظرية، ميشال شيحا، ان نادي الزعماء الذي يضم النخب من كل طائفة سيظل يتحكم بالبلد وبالتالي سيتمكن من حل كل المشاكل التي ممكن ان تواجهه في اطار الحوار و التوافق.
اولاً لم يعي شيحا ان هذا النادي سيسقط يوما ما وسيحل مكانه شخصيات من خارج هذه النخب وفي الارجح ضدها وتحملها مسؤولية تراكم المشاكل اللبنانية التي ادت الى حروب باشكال مختلفة ابشعها كانت الحرب الاهلية عام ١٩٧٥. هذا لا يعني ان من حل مكان هذه النخب سعى لايجاد تسوية لمشاكل الحكم في لبنان.
ثانياً لم يتنبّه ميشال شيحا امكانية ان يفشل الحوار وان لا يأتي بنتيجة. لذا لم يلحظ الدستور اللبناني مواد يمكنها ان تفصل بين المتخاصمين ولم يحدد كيف تنتصر وجهة نظر على اخرى ليترك على الارجح ابدا ودائما المجال للتوافق. فكانت النتيجة في كل مرة واجه لبنان ازمة اما الذهاب الى التقاتل الاهلي او تعطيل الجمهورية بانتظار الخارج ليفصل بين المتخاصمين. والخارج كان يمكن ان يكون في شكل خيمة عبد الناصر على الحدود اللبنانية السورية قبل انتخاب الجنرال فؤاد شهاب و بعد ثورة ال ٥٨، او خيمة الطائف واتفاقه بعد الحرب الاهلية في ال ٩١، او خيمة الدوحة بعد عنف وآيار في عام ٢٠٠٨

منذ العام ٢٠٠٥، عام اغتيال الرئيس رفيق الحريري لغاية اليوم سجل لبنان فراغ في رئاسة الجمهورية تعدى اليوم الاربع سنوات وفراغ في حكومة شرعية، اي غير تلك لتصريف الاعمال- لاكثر من اربع سنوات و مازال ”العداد شغال“ وقد مدّد مجلس النواب لنفسه عام ٢٠١٤ تحت حجة استحالة تنظيم الانتخابات في ظل التوترات الطائفية، وعرف لبنان اكبر انفجار في تاريخه - انفجار المرفأ الذي أودى بحياة اكثر من ٢٠٠ شخص ودمر جزء كبير من مدينة بيروت، وعرف لبنان ايضا في العام ٢٠١٩ افلاس الدولة والمصرف المركزي والمصارف اللبنانية، ما أدّى الى ازمة اقتصادية حادة مستمرة حتى لساعة.
استنادا الى الواقع في الحد الادنى منذ ٢٠٠٥ نستنتج انه ليس هناك من قانون او مواد دستورية تستطيع حل مشاكل لبنان اكانت سياسية او اقتصادية وبالتالى تمنع توقف العمل في مؤسسات الدولة وتمنع الفراغ عنها. وأي مطالبة بتعديل الدستور يقابل باستهجان واتهامات بمحاولة تغيير وجه لبنان الذي يقوم على التوافق.
ما يعنى ان الدستور شكلي والقوانين هي الاخرى شكلية، وبالتالي يخضع مجلس النواب ومجلس الوزراء لفكرة “الميثاق الوطني“ الذي بناه المؤسسون ويقوم على التوافق بين زعماء الطوائف اللبنانية. هذا الميثاق الوطني ما زال ساري المفعول ويعترف به اكثرية اللبنانيين، بدليل انتخابه ممثلي هذا الميثاق الى المجالس النيابية والوزارية والرئاسية ايضا.
والحديث في هذا المجال من قبل بعد المحللين السياسين او كتاب الرأي او بعض السياسيين عن بناء الدولة او احترام الدستور او تطبيق القوانين واحترام الحقوق على انواعها منفصلا تماما عن الواقع وان كان هذا الكلام يحظى باعجاب بعد الموفدين الغربيين وبعض السفراء انما هناك استحالة لتطبيقه لان الميثاق الوطني الذي تؤيده الاكثرية يدمر فكرة الديمقراطية والعدالة التي هي في اساس عمل الدولة بحسب مفهومها الغربي.
اضف ان تعامل الغرب مع الحالة اللبنانية كان يخضع للظروف الاقليمية وموازينها. في ال ١٩٤٣ كان للطائفة المارونية مدعومة من الأم الحنون كلمة الفصل في البلد والتي انتهت اولا مع افول القوة الفرنسية ومع بدء الحرب الاهلية لتبداء مرحلة الوصاية السورية مع الرئيس حافظ الاسد والتي انتهت باغتيال الرئيس رفيق الحريري لندخل بعضها العصر الشيعي مع حزب الله بضمانة امريكية وحتى اشعار اخر.
هذا هو ثمن حكم الطوائف

قراءة المزيد

شيرين تحمّل "روتانا" مسؤولية انهيارها في الكويت... تفاصيل الأزمة

شيرين تحمّل "روتانا" مسؤولية انهيارها في الكويت... تفاصيل الأزمة

لم تكد أزمة النجمة المصرية شيرين عبدالوهاب مع شركة "روتانا" تهدأ، حتى اشتعلت من جديد، وقد تبيّن أن تسديدها البند الجزائي البالغ 8 ملايين جنيه لصالح الشركة، لم يُنهِ الخلاف القائم بينهما كما كان متوقعاً... ففي بيان أصدرته ليل أمس الاثنين، كشفت شيرين عن تطورات أزمتها

فيلم “كابتن أميركا” يشعل أزمة بين “مارفل” و”إنستغرام”

فيلم “كابتن أميركا” يشعل أزمة بين “مارفل” و”إنستغرام”

أزمة كبيرة بدأت تلوح في الأفق بين شركة “مارفل” العالمية وشركة “ميتا” بعد أن نشر أحد مستخدمي تطبيق “إنستغرام”، صورة من فيلم “Captain America: Brave New World” المقرر عرضه خلال الفترة المقبلة، علماً أن الفيلم لم يتم الإعلان عنه بشكل رسمي حتى الآن. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية،

مهرجان "أعياد بيروت" يعود بعد غياب وإليسا نجمة الافتتاح

مهرجان "أعياد بيروت" يعود بعد غياب وإليسا نجمة الافتتاح

بعد غياب قسري استمر 4 سنوات بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية في لبنان،، يعود "مهرجان أعياد بيروت" هذا الصيف بنسخة جديدة، تنطلق يوم 18 يوليو/ تموز في واجهة بيروت البحرية، حاملاً شعار "رجّعنا الأعياد لبيروت". View this post on Instagram A post shared by Beirut Holidays

أصالة وتحقيق حلم العودة إلى بيروت

أصالة وتحقيق حلم العودة إلى بيروت

بعد مرور 7 سنوات على حادثة توقيفها في مطار بيروت على خلفية حيازتها الممنوعات، تكسر الفنانة السورية أصالة نصري عزلتها وتزور لبنان للمرة الأولى، لتحيي أولى حفلاتها الغنائية فيها، بزيارة ستكون بمثابة العودة الرسمية للنجمة السورية إلى العاصمة اللبنانية بيروت. وشوّقت أصالة جمهورها اللبناني بعد إعلانها عن سهرتها التي