رسائل الاستغاثة من داخل النظام… الهروب من الانفجار أم التمهيد له؟

تتوالى الإشارات القادمة من داخل مؤسسات النظام الإيراني والتي تعكس وعيًا خفيًا بأن الأمور خرجت عن السيطرة. رسائل مغطاة بمفردات التحذير والتخويف، لكنها في جوهرها تعترف بأن الدولة تترنّح تحت وطأة الفشل البنيوي، والشارع قاب قوسين أو أدنى من الغليان.
في مؤتمر صحفي بتاريخ 16 أبريل، اعترف وزير الطاقة عباس عليآبادي بانهيار منظومة الكهرباء، مؤكدًا أن الإنتاج الكهرومائي في أدنى مستوياته، وهو ما ينذر بصيف ساخن ومرهق. وبدل الحديث عن خطط إنقاذ، دعا الوزير الشعب إلى "الصبر".
التقارير الصناعية تكشف صورة أكثر سوادًا. مؤشّرات الإنتاج، الطلبيات، والمخزون تراجعت في مارس 2025، والمقاولات أوقفت التوظيف نتيجة لانعدام الأفق. صحيفة “جهان صنعت” وصفت الوضع بأنه "شبه ركود عام"، بينما أكدت “دنياي اقتصاد” أن العام الماضي "انتهى بأسوأ أداء صناعي منذ سنوات".
الأزمات المناخية تتفاقم بدورها. العواصف الترابية، نتيجة لتدمير الأهوار وسوء إدارة الموارد، دفعت السلطات إلى إغلاق سبع محافظات، بينما يتحمّل المواطن وحده الكلفة الصحية والبيئية.
على جبهة الأمن، قال الجنرال أحمد رضا رادان إن بعض المركبات "توابيت"، محذرًا من انهيار معايير السلامة، لكنه لم يجرؤ على ذكر فساد الصفقات والعقود التي دمّرت قطاع النقل.
الردّ الإعلامي للنظام لم يكن اعتذاريًا، بل دفاعيًا. صحيفة “كيهان” دعت إلى إعلان "حرب اقتصادية شاملة"، مدعية أن شبكات داخلية تخرب الاقتصاد، ما يشير إلى نيّة واضحة في قمع الداخل وتفادي أي نقاش حول الإصلاح الحقيقي.
المفارقة أن هذه التصريحات تصدر ممن حكموا البلاد لعقود، وبنوا منظومة فاسدة أحكمت قبضتها على الاقتصاد والسياسة والإعلام. واليوم، وبعد عقود من القمع والتهميش، لا يزال هؤلاء يطالبون الشعب بالصبر!
في إيران اليوم، لا يوجد جدار لم يصدع: من الكهرباء إلى الهواء، من الاقتصاد إلى الأمن. والشارع الذي صمت طويلًا، لم يعُد يثق لا بالوعود ولا بالتحذيرات. وما يُخيف النظام ليس فقط حجم الأزمة، بل إدراك الشعب أن العدو ليس في الخارج… بل في قلب النظام ذاته.