رفعٌ محتمل لعقوبات «قيصر»… لكن الخطر الأكبر يبقى نفوذ طهران

رفعٌ محتمل لعقوبات «قيصر»… لكن الخطر الأكبر يبقى نفوذ طهران
Photo by Ian Hutchinson / Unsplash

الحاجة إلى ضغطٍ مُحكَم على النظام الإيراني ودعم الشعب والمقاومة
أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية أنّ إدارة ترامب تدعم عبر قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) خطواتٍ قد تفضي إلى إلغاء ما تبقّى من عقوبات «قيصر» على سوريا، مع الترحيب بأي استثمار أو شراكة «تُعين جميع السوريين على بناء دولةٍ آمنة ومزدهرة». ويتزامن ذلك مع دفعٍ من البيت الأبيض تجاه الكونغرس لرفع القيود المتبقية خشيةَ أن يُضعِف استمرارُ العقوبات الحكومةَ السورية الجديدة التي تُعدّها الإدارة جزءًا من رؤيتها الإقليمية.

هذا المسار يفتح نقاشًا ضروريًا: كيف نمنع أن تتحوّل مرحلة ما بعد العقوبات إلى نافذةٍ ذهبية لتمدّد نفوذ إيران وأذرعها في سوريا ولبنان والعراق واليمن؟ وكيف نوازن بين التخفيف الإنساني ووقف «تدوير الأرباح» عبر شبكات الحرس الثوري و«حزب الله»؟

ماذا يعني تخفيف «قيصر» على الأرض؟
صُمِّم القانون لحرمان منظومة الأسد من عوائد إعادة الإعمار والتمويل الخارجي طالما استمرّت الانتهاكات. أيّ انفتاحٍ غير مشروط قد يفكّك الردع المالي، ويتيح تبييضًا منظّمًا عبر عقود الإعمار والمصارف الوسيطة وشركات الواجهة، ويعزّز الجسر اللوجستي لمحور طهران من العراق إلى لبنان. بكلمات أوضح: انفتاحٌ بلا ضوابط قد يقوّي الذراع الإيرانية أكثر ممّا يخفّف معاناة السوريين.

شرط النجاح: الضغط على طهران لا يتعارض مع التخفيف الإنساني
إذا كان الهدف «السلام والازدهار»، فلا بدّ من استمرار الضغط على النظام الإيراني بالتوازي مع أي تعديلٍ في «قيصر»، لأنّ مصدر الاضطراب البنيوي في الميدان هو شبكة الحرس الثوري وشركاؤها الذين حوّلوا الإقليم إلى اقتصاد حربٍ دائم. ينبغي أن يُفهم أي تخفيف في سياقٍ يضمن عدم انتفاع الكيانات المرتبطة بطهران، وأن يُربط بمعايير سياسية–حقوقية (إفراج عن المعتقلين، وصول أممي، وقف الانتهاكات، وانسحاب الميليشيات الأجنبية بقيادة الحرس الثوري).

لماذا دعم المقاومة والشعب الإيراني جزءٌ من الحلّ؟
طالما ظلّت «تصدير الأزمة» أداة بقاء للنظام الإيراني، ستبقى أي تسوية في سوريا ولبنان هشّة. تحجيم تدخلات طهران لا يكتمل بالأدوات المالية والأمنية وحدها؛ بل عبر الاعتراف العلني بحقّ الإيرانيين في التغيير الديمقراطي ودعم المقاومة الإيرانية بصفتها حامل «الخيار الثالث»—أي مسار انتقال ديمقراطي بفصل الدين عن الدولة، استقلال القضاء، ورفض الإعدام والتعذيب. وتتقاطع هذه الرؤية مع دينامية الداخل التي برزت في مؤتمر الشباب الإيراني بباريس: تواصل أجيال وتنظيم مدني–مهني داخل إيران والشتات، ما يضعف شرعية التمدّد الخارجي ويزيد كلفة القمع.

معادلة المبدأ: رفعٌ إنسانيّ لا يُمكّن نفوذ طهران
جوهر المقاربة أن يبقى أي تخفيفٍ لـ«قيصر» مشروطًا بحماية الناس لا الشبكات، وأن يُقرأ في ضوء حقيقة أنّ منظومة الحرس الثوري ووكلاءه هي مصدر الاضطراب البنيوي. المطلوب أن تذهب الإغاثة والخدمات مباشرةً إلى السوريين، وألّا تتحوّل إلى رافعة مالية أو لوجستية للنظام الإيراني وأذرعه. وبالموازاة، يتطلّب الاستقرار طويل الأمد اعترافًا صريحًا بحقّ الإيرانيين في التغيير ودعم الخيار الثالث الذي تطرحه المقاومة: فصل الدين عن الدولة، استقلال القضاء، ورفض التعذيب والإعدام. هكذا تُصان كرامة الإنسان وتُقطع قنوات التمدّد التخريبي—من دون الانغماس في قوائم تقنية.

الخلاصة
تخفيف «قيصر» لا يتناقض مع تقييد نفوذ طهران إذا جاء مشروطًا ومحكومًا برقابةٍ واضحة ومتزامنًا مع ضغطٍ متواصل على النظام الإيراني وشبكاته. أمّا الاستقرار طويل الأمد، فلا يتحقّق من دون تمكين الشعب الإيراني ومساندة المقاومة (الخيار الثالث): إغاثة إنسانية واقتصادٌ مصان للناس، مقابل خنق مسارات نفوذ الحرس الثوري ودعم قوى التغيير الديمقراطي داخل إيران.

قراءة المزيد

ولي العهد السعودي يبدأ زيارة رسمية إلى أميركا

ولي العهد السعودي يبدأ زيارة رسمية إلى أميركا

يبدأ ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، اليوم الثلاثاء، زيارة رسمية إلى أميركا استجابةً لدعوةٍ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ومن المقرر أن يلتقي الأمير محمد بن سلمان بالرئيس ترمب اليوم الثلاثاء في البيت الأبيض، وتتضمن الزيارة مراسم استقبال صباحية، واجتماعات في المكتب البيضاوي، يعقبها حفل

واشنطن: سيتم الإعلان عن اتفاق مع السعودية في الطاقة النووية المدنية

واشنطن: سيتم الإعلان عن اتفاق مع السعودية في الطاقة النووية المدنية

قال مسؤول أميركي إنه من المقرر الإعلان عن اتفاق بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في مجال الطاقة النووية المدنية بالتزامن مع زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إلى واشنطن حالياً. أفاد المسؤول أنه سيتم الإعلان عن صفقة مبيعات دفاعية بين أميركا

بكين تهاجم طوكيو: رئيسة الوزراء تعيد خطاب العسكرة

بكين تهاجم طوكيو: رئيسة الوزراء تعيد خطاب العسكرة

قالت وسائل إعلام صينية في تعليق إن التصريحات الأخيرة لرئيسة وزراء اليابان ساناي تاكايشي بشأن احتمالية القيام بعمل عسكري حول تايوان تظهر أن اليابان تعود إلى مسار النزعة العسكرية، مضيفة أن أي " خيالات عسكرية " سوف تنفجر في وجه طوكيو. وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن التعليق جاء فيه أن

اليابان تحذر مواطنيها في الصين.. وسط توترات بشأن تايوان

اليابان تحذر مواطنيها في الصين.. وسط توترات بشأن تايوان

دعت اليابان مواطنيها الموجودين في الصين إلى توخي الحذر بشأن محيطهم وتجنب الحشود الكبيرة وسط خلاف نشب بين بكين وطوكيو بسبب تعليقات رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بشأن تايوان. وقالت السفارة اليابانية في بكين في بيان على موقعها الإلكتروني مؤرخ أمس الاثنين: "انتبهوا لمحيطكم وتجنبوا قدر الإمكان الساحات التي تتجمع