انتفاضة ضد الإعدام في ٢٦ مدينة: صرخة العائلات تزلزل جدران الصمت وتوحد المجتمع الإيراني

في الأسبوع السبعين من الحملة الوطنية «ثلاثاء لا للإعدام»، شهدت إيران موجة احتجاجات واسعة وغير مسبوقة ضد سياسة الإعدامات التي يتبعها النظام.
خرجت عائلات السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، إلى جانب شباب محتج ونشطاء مدنيين، إلى الشوارع والساحات العامة في ٢٦ مدينة من طهران والأهواز ومشهد إلى شيراز وكرج وبندرعباس، رافعين لافتات وصور أبنائهم، مرددين شعارات مثل: «لا للإعدام»، «إلغاء فوري لحكم الإعدام»، «لا تُعدموا أبناءنا»، و«لا للأحكام العصور الوسطى».
هذه التظاهرات لم تعد مجرد مبادرات حقوقية محدودة، بل تحولت إلى حركة اجتماعية عميقة الجذور، حيث أصبح صوت الأمهات والآباء يعلو في مواجهة آلة الموت:
«ساعدوا أطفال إيران»، «لا تُعدموا أبناءنا»، في مشهد يعكس حجم الألم والغضب الشعبي من سياسة الإعدامات الجماعية التي تستهدف السجناء السياسيين، المحتجين، والأقليات القومية والدينية.
دعم من داخل السجون… جبهة مقاومة تتحدّى القمع
تزامناً مع هذه الاحتجاجات في الشوارع، دوّى صوت التضامن من داخل سجن إيفين سيئ السمعة، حيث أطلقت السجينات السياسيات في جناح النساء هتافات قوية دعماً للحركة الشعبية:
«هذه هي الرسالة الأخيرة، إذا أعدمتم ستكون انتفاضة»، «لا للقمع، لا للإعدام، لا للتهديد؛ لم يَعُد يؤثر»، و«نظام الإعدامات لن ينعم بنوم هادئ».
هذه الهتافات لم تكن مجرد دعم رمزي، بل كانت إعلاناً عن وحدة الجبهة بين الداخل والخارج، وكسر حاجز الخوف بين جدران السجن والمجتمع.
إن مقاومة السجينات، التي تتحدى يومياً خطر الانتقام والعقاب، أصبحت رمزاً لصمود المرأة الإيرانية، ورسالة بأن النضال ضد الإعدام لم يعد محصوراً في المؤسسات الحقوقية، بل أصبح جزءاً من الوعي الجمعي الإيراني.
الإعدام: أداة سياسية للقمع وتصفية الحسابات
تؤكد منظمات حقوق الإنسان أن عقوبة الإعدام في إيران تحولت من أداة لتحقيق العدالة إلى وسيلة لبث الرعب وتصفية الحسابات السياسية.
غالبية المحكومين هم من السجناء السياسيين، الناشطين الاجتماعيين، وأبناء القوميات الكردية والبلوشية والعربية، وأهل السنة.
يُحاكم الكثير منهم في محاكم غير علنية وبدون محاكمة عادلة، وغالباً ما يُحرمون من الاتصال بمحامٍ مستقل، وتنتزع الاعترافات تحت التعذيب.
هذا الواقع جعل من إيران واحدة من أكثر دول العالم تنفيذاً للإعدام، وسط إدانات دولية متواصلة.
اتساع الحراك الشعبي… إرادة الحياة أقوى من آلة الموت
إن تزامن التظاهرات في الشوارع مع الهتافات من خلف القضبان، واتساع حملة «ثلاثاء لا للإعدام» ليشمل الإضراب عن الطعام في عشرات السجون، يؤكد أن المجتمع الإيراني بدأ يخرج من دائرة الخوف إلى دائرة الفعل الجماعي.
كل ثلاثاء، يرتفع صوت جديد ينادي بالحياة، ويؤكد أن العدالة لن تتحقق إلا بإلغاء الإعدام ووقف سياسة الموت الجماعي.
هذه الحركة، التي تقودها الأمهات والآباء والسجينات، وتجد صدى في الشارع وبين النشطاء، أصبحت رمزاً لوحدة المجتمع في مواجهة القمع.
إنها رسالة للنظام بأن آلة الموت لن تنجح في إخضاع الشعب، وأن إرادة الحياة والحرية أقوى من كل أدوات الترهيب.
اليوم، لم يعد الإعدام مجرد عقوبة قانونية، بل أصبح خطاً أحمر يوحد الإيرانيين في معركة واحدة ضد الاستبداد.
طالما لم تتحقق العدالة، ستستمر حملة «ثلاثاء لا للإعدام»، وستظل صرخات الأهالي ودعم الشعب نبراساً يضيء طريق النضال حتى سقوط نظام الإعدامات وبزوغ فجر الحرية والكرامة.