نقمة الحرب والسيول تُغرق السودان
تشهد السودان مواجهات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع في عدد من مناطق البلاد، وقد لقي عشرات المواطنين مصرعهم، وأصيب آخرون بجراح، جراء تبادل القصف الجوي والمدفعي بين الجهتين. وطالب «تكتل مدني» المجتمع الدولي بفرض «حظر طيران لحماية المدنيين والأعيان المدنية، التي دأب طيران الجيش على قصفها، والتحقيق في استخدامه لأسلحة محرمة ضد المدنيين في دارفور، على وجه الخصوص».
وشوهدت ألسنة الدخان تتصاعد من منطقة بري، شرق الخرطوم، جراء غارة جوية شنّتها الطيران الحربي للجيش، فيما نُقل عدد من المواطنين إلى مستشفى بأم درمان لإصابتهم بجراح نتيجة قصف مدفعي شنّته قوات «الدعم السريع» على منطقة كرري العسكرية.
ومنذ أكثر من أسبوع كثّف الطيران الحربي التابع للجيش غاراته الجوية على عدد من المناطق التي تسيطر عليها قوات «الدعم» في الخرطوم وولايات الجزيرة وسنار ودارفور، ملحقة خسائر فادحة بالمواطنين هناك.
ولقي 19 شخصاً مصرعهم في مدينة مليط بقصف جوي شنّه الطيران الحربي التابع للجيش، وأصيب 25 بجراح، وفقاً لتقرير بثّته كتلة منظمات المجتمع المدني بولاية شمال دارفور.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت نحو 18 ألفا و800 قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
عقوبات
يتجه المجتمع الدولي نحو التوسع لاستخدام سلاح العقوبات في السودان بعد تراجع فرص إنهاء الحرب عبر سبل المفاوضات السياسية قريبا، وهو ما ظهرت بوادره عبر اتجاه مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على اثنين من قيادات قوات الدعم السريع بتهم “العنف وانتهاكات حقوق الإنسان”، وسط توقعات أن تطال العقوبات عددا من القادة في الجيش أيضا.
واقترحت الولايات المتحدة فرض حظر دولي على السفر وتجميد الأصول على رئيس عمليات قوات الدعم السريع اللواء الركن عثمان محمد حامد محمد وقائد قوات الدعم السريع، قطاع ولاية غرب دارفور، عبدالرحمن جمعة بارك الله.
أزمة جوع
قالت 3 منظمات إغاثة كبرى تعمل في السودان إن البلاد تشهد أزمة جوع ذات مستويات تاريخية غير مشهودة، مضيفة أن ما يزيد على 25 مليون شخص (ما يزيد على نصف سكان البلاد) يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وتابع كل من المجلس النروجي للاجئين والمجلس الدنماركي للاجئين ومؤسسة "ميرسي كوربس" العاملة في مجال الإغاثة الإنسانية في السودان أن كثيرًا من العائلات أجبرت على أكل أوراق الأشجار والحشرات.
وقالت المنظمات في بيان مشترك: "إننا ندعو المجتمع الدولي دعوة عاجلة إلى معالجة أزمة الجوع الهائلة داخل البلاد"، لافتة إلى أن "الاهتمام والتحرك الدوليين أقل من اللازم، ومتأخران للغاية، وحتى الآن لم تُمَوَّل خطة الاستجابة الإنسانية إلا بنسبة 41 في المئة".
وتفيد تقديرات بأن حصيلة قتلى الحرب تصل إلى 150 ألفًا، ونزح ما يزيد على 10 ملايين شخص داخل السودان، أو لجؤوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، وفقًا للأمم المتحدة.
وقالت منظمات الإغاثة إن الحرب في السودان دمرت قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية.
نقمة الحرب والسيول
وتفاقم كارثة السيول والأمطار الغزيرة معاناة السودانيين الذين يكتوون بنار الحرب، ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان (أوتشا)، فقد بلغ عدد المتضررين جراء الأمطار والسيول ما يزيد على 442600 شخص في 13 ولاية من أصل 18، فضلًا عن نزوح ما لا يقل 124 ألفًا.
وقال المكتب إن ضررًا كبيرًا لحق في البنية التحتية جراء استمرار هطول الأمطار بغزارة، مضيفًا أن الفيضانات أدت إلى انتشار واسع للعقارب والثعابين في الولاية الشمالية ونهر النيل.
تفشي الأمراض
وحذر المكتب في بيان صحفي من أن المياه الراكدة ترفع خطر تفشي الأمراض في الولايات المتضررة، مضيفًا أن السودان سجل 2895 حالة إصابة بالكوليرا منها 112 حالة وفاة مرتبطة بالوباء في المدة من 22 يوليو حتى مطلع الشهر الجاري، وفقًا لوزارة الصحة السودانية.
وقال المكتب إن منظمة الصحة العالمية وفرت مسبقًا إمدادات طبية لمكافحة الكوليرا في الولايات عالية الخطورة تحسبًا لتفشي الوباء.
ووفقًا لوزارة الصحة السودانية، فقد ارتفعت حصيلة الوفيات إلى 173 والإصابات إلى 505، بسبب الأمطار والسيول منذ يونيو/ حزيران الماضي،
وبلغ عدد المنازل المنهارة كليًّا 18 ألفا و665، والمنهارة جزئيًّا 14 ألفا و947.