الإرهاب في النظام الإيراني: من خامنئي إلى شبكات المافيا

كشف المؤتمر الصحفي الذي عقده المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في واشنطن في 7 أغسطس، عن تفاصيل غير مسبوقة حول الآلية المنظمة للإرهاب الذي تمارسه الفاشية الدينية الحاكمة في إيران. وقدم هذا الكشف صورة واضحة عن كيفية ارتباط رأس هرم السلطة بشكل مباشر بالعمليات الإرهابية في الخارج. ففي هذا الهيكل، لم يتم تقديم علي خامنئي كداعم خفي، بل كصانع قرار نهائي في تصميم وتنفيذ هذه الأعمال؛ هيكل تُسند قيادته عبر جهاز يسمى “مقر قاسم سليماني” إلى نائب وزير المخابرات، ويعمل بالتنسيق مع وزارة المخابرات، ومنظمة استخبارات حرس النظام الإيراني، وقوة القدس.
الإرهاب كأداة للسياسة الخارجية
تُظهر نتائج المقاومة الإيرانية أن السياسة الإرهابية للنظام الحاكم في إيران هي جزء أساسي من جهازه للسياسة الخارجية. وتعتمد هذه السياسة على ثلاثة نماذج عملياتية: التنفيذ المباشر من قبل عملاء إيرانيين، والاستخدام المختلط للعملاء الداخليين والمرتزقة الأجانب، وأخيراً، الاستعانة الكاملة بشبكات الجريمة المنظمة في تنفيذ العمليات. هذا النموذج الثالث – الذي استُخدم في محاولة اغتيال البروفيسور أليخو فيدال كوادراس، النائب السابق لرئيس البرلمان الأوروبي، في نوفمبر 2023 – استفاد من شبكة المافيا “ماكرو مافيا”؛ وهي مجموعة ذات صلات مباشرة بقوة القدس التابعة للحرس.
دور وزارة المخابرات والجهاز الدبلوماسي
في هذا الهيكل، تقوم معاونية مكافحة الإرهاب في وزارة المخابرات – بقيادة سيد يحيى حسيني پنجكي (الاسم المستعار سيد يحيى حميدي) – بتوجيه العمليات، بينما توفر معاونية الاستخبارات الخارجية، برئاسة حسين صفدري، الغطاء اللوجستي والأمني عبر المحطات الاستخباراتية المتمركزة في السفارات. هذا التآزر الاستخباراتي والدبلوماسي حوّل سفارات النظام، عملياً، إلى قواعد عملياتية للإرهاب والتجسس.
أمثلة وسوابق عملياتية
تعتبر قضية محاولة تفجير تجمع فيلبينت بباريس عام 2018، التي كانت تستهدف السيدة مريم رجوي وشخصيات أمريكية وأوروبية بارزة، مثالاً واضحاً على استخدام هذا الهيكل: تم تصميم العملية من قبل عملاء رسميين في وزارة المخابرات، لكن تنفيذها الميداني أُسند إلى جماعات إجرامية تركية وبلقانية. وعلى نفس المنوال، تمت محاولة اغتيال فيدال كوادراس بمزيج من القيادة الاستخباراتية واستخدام عصابات المافيا. إن وجود شخصيات مثل رضا أميري مقدم وغلام حسين محمدنيا – اللذين تم تعيينهما لاحقاً في مناصب دبلوماسية رسمية – يُظهر التطابق الكامل بين الشخصيات الرسمية والمهام السرية.
الإرهاب كرد فعل على الأزمة الداخلية
يُظهر الكشف الذي قُدم في المؤتمر أن النظام، في ظل ضعفه الهيكلي الداخلي وتراجع نفوذه الإقليمي، لجأ إلى توسيع نطاق عملياته الإرهابية في أوروبا وأمريكا. هذا التغيير في نطاق الأهداف، من المعارضين الإيرانيين إلى المسؤولين السياسيين الغربيين، ليس علامة على القوة، بل هو رد فعل على أزمة الشرعية والفشل الاستراتيجي.
الارتباط بشبكات الجريمة العالمية
إن ارتباط النظام بشبكات المخدرات الدولية مثل شبكة “ناجي شريفي زيندشتي” و”ماكرو مافيا” ليس فقط للتخفي؛ فهذه الشبكات، كذراع تنفيذي وغطاء، توفر إمكانية تنفيذ عمليات عالية الخطورة دون ترك أثر مباشر للعملاء الرسميين. هذا التداخل بين إرهاب الدولة والجريمة المنظمة قد خلق هيكلاً هجيناً يتطلب مواجهته نهجاً دولياً منسقاً.
الحلول المقترحة من المقاومة الإيرانية
في الختام، شدد هذا الكشف الذي قدمته المقاومة الإيرانية على مجموعة من الإجراءات التي لا تقتصر طبيعتها على الأمن فحسب، بل هي استراتيجية:
“إغلاق جميع السفارات والمراكز الثقافية والدينية التابعة للنظام، وإدراج وزارة المخابرات وحرس النظام الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية، وطرد ومعاقبة جميع عملاء ولوبيات النظام في الغرب، وفرض عقوبات شاملة من مجلس الأمن والدول الأعضاء ضد شخص خامنئي وأركان إرهاب الدولة”.
إن هذا الكشف، كما يتضح من لهجته ومحتواه، هو دعوة لإعادة تعريف علاقة العالم الحر مع حكومة جعلت الإرهاب جزءاً من هيكل بقائها وأداة لسياستها الخارجية. والسؤال الذي يواجه الحكومات الغربية هو: إلى أي مدى هي مستعدة لاستخدام هذه الأدلة لتغيير نهج كان حتى الآن مصحوباً في الغالب بـسياسة الاسترضاء والأمل الواهي في “تغيير السلوك”.