النفط الإيراني بين أيدي الملالي والشعب يرزح تحت وطأة الفقر

في الوقت الذي تعاني فيه ملايين الأسر الإيرانية من الفقر المتزايد وانعدام الاستقرار الاقتصادي، يواصل النظام الديني الحاكم في طهران تحويل المليارات من عائدات النفط والثروات الوطنية لصالح مؤسساته الأيديولوجية والدينية، متجاهلاً بشكل صارخ احتياجات الشعب الإيراني. هذا الواقع، الذي كشفت عنه تقارير إعلامية حكومية، يعكس سياسة ممنهجة تهدف إلى تمويل الدعاية الدينية وترسيخ سلطة النظام، ولو كان ذلك على حساب معيشة المواطنين وكرامتهم.
ثروات النفط في خدمة الحوزات الدينية
تحت إدارة إبراهيم رئيسي، تحولت وزارة النفط من مؤسسة وطنية إلى صندوق تمويل للملالي المقربين من السلطة. ووفقاً لموقع "رويداد 24" الحكومي، تم تخصيص مبالغ ضخمة لإحدى الحوزات الدينية التي يديرها غلام رضا قاسمیان، إضافة إلى ميزانيات هائلة لتطوير المدارس الدينية في مدينة قم. يأتي هذا في وقت يكافح فيه العمال بأجور زهيدة ويحتج المتقاعدون في الشوارع للمطالبة بحقوقهم. حتى بعض أعضاء البرلمان اضطروا للاعتراف بأن المزارعين يدفعون ثمن سوء الإدارة وبطء اتخاذ القرار.
اعترافات رسمية بفشل السياسات
وصلت حالة اليأس بين الإيرانيين إلى درجة لم يعد بإمكان مسؤولي النظام تجاهلها. فقد اعترف النائب عباس مقتدائي بأن "العمال والمتقاعدين يتصلون في ساعات متأخرة من الليل ويتحدثون عن همومهم". صحيفة "آرمان امروز" الحكومية وصفت الوضع الاقتصادي بأنه يفتقر لأي قابلية للتنبؤ، وأكدت أن السياسات المؤقتة والتدخل المستمر للمؤسسات الدينية الموالية للمرشد الأعلى دمرت أي أمل في الاستقرار. لا أحد في إيران يعرف ما سيكون عليه سعر الدولار غداً أو ما هو القرار الجديد الذي سيهدد حياته.
إفلاس هيكلي وفساد متجذر
الأزمة الاقتصادية في إيران ليست أزمة عابرة، بل هي إفلاس هيكلي عميق. ولي الله سيف، الرئيس السابق للبنك المركزي، كشف عن حجم الفساد في القطاع المالي، حيث تعاني البنوك من فجوة متزايدة بين الدخل والمصروفات، وسط غياب الشفافية والمساءلة. القطاع المصرفي الذي كان يفترض أن يكون محرك التنمية تحول إلى عقبة أساسية أمام أي ديناميكية اقتصادية، في ظل نظام اقتصادي مصمم للنهب وليس للنمو.
نظام في مواجهة شعبه
بينما يواصل النظام تحويل ثروات النفط لدعم مؤسساته الدينية، يترك الشعب الإيراني يواجه الفقر وانهيار الخدمات العامة. صرخات المواطنين المطالبين بالعدالة تتردد في الشوارع، في ظل انقلاب متعمد في أولويات الحكم. هذا التركيز على بقاء النظام بأي ثمن أفقده شرعيته بالكامل، وجعل مطلب التغيير الجذري هدفاً وطنياً جامعاً.
الحل الجذري: التغيير على يد الشعب والمقاومة
في ظل هذا الواقع المرير، تؤكد التجربة الإيرانية أن لا الحرب الخارجية ولا سياسة المساومة والاسترضاء يمكن أن تضع حداً لهذه الأزمات المتراكمة. الحل الحقيقي والجذري يكمن في إسقاط النظام الديني الاستبدادي على يد الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة. هذا هو "الخيار الثالث" الذي طرحته المقاومة الإيرانية مراراً، والذي يضمن انتقال السلطة إلى الشعب عبر حكومة انتقالية، وانتخابات حرة، وصياغة دستور جديد لجمهورية ديمقراطية تقوم على العدالة الاجتماعية، فصل الدين عن الدولة، المساواة، وإلغاء حكم الإعدام.
إن الطريق إلى إيران مزدهرة وحرة يمر عبر هذا التغيير الجذري، الذي أصبح اليوم مطلباً وطنياً شاملاً، ويجسد الأمل الوحيد لإنهاء الفقر والفساد والاستبداد، وبناء مستقبل يليق بالشعب الإيراني.