المقاومة الإيرانية توضّح موقفها من الحرب الأخيرة ومستقبل علاقات إيران الإقليمية

تزايدت التساؤلات في الأوساط العربية والدولية، وخصوصاً في دول الخليج، حول موقف المقاومة الإيرانية من الحرب الأخيرة بين النظام الإيراني وإسرائيل، وكذلك بشأن رؤيتها لمستقبل إيران في حال سقوط النظام، وطبيعة العلاقات التي ستقيمها مع دول الجوار والمنطقة. في هذا السياق، جاءت مقابلة السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مع صحيفة النهار اللبنانية، كإجابة واضحة ومفصّلة على هذه الأسئلة الحاسمة.
الحرب كشفت ضعف النظام وحسم المعركة بيد الشعب
في ردّها على سؤال حول الحرب الأخيرة وتأثيرها على النظام الإيراني، ذكّرت السيدة رجوي بأنها قبل أكثر من عقدين طرحت في البرلمان الأوروبي ما وصفته بـ الخيار الثالث، وهو "تغيير النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة"، مؤكدة أن لا الحرب الخارجية ولا سياسة الاسترضاء الغربية يمكن أن تكونا حلّاً.
وقالت في المقابلة:
"خلال الحرب، أكّدتُ أن الشعب الإيراني يرحّب بنهاية الحرب، ویرید إقرار السلام والحرية. دعوا الشعب الإيراني يحسم بنفسه معركته المصيریة بإسقاط خامنئي ودكتاتورية ولاية الفقيه".
وأضافت أن النظام تلقّى ضربات قاسية أفقدته بنيته العسكرية، وأن إعادة بنائها مرهونة بموقف المجتمع الدولي وسياسة الداخل. وشدّدت على أن المقاومة والانتفاضة لن تمنح النظام الوقت الكافي لإعادة ترتيب صفوفه، وهو ما سيؤدي إلى تسريع سقوطه.
رؤية بديلة: جمهورية ديموقراطية مدنية وسلمية
وحول السيناريوهات المحتملة لمستقبل إيران بعد الحرب، أكدت السيدة رجوي أن المقاومة الإيرانية تطمح إلى إقامة جمهورية ديموقراطية غير نووية، تقوم على فصل الدين عن الدولة، والمساواة بين الجنسين، ومنح القوميات حقوق الحكم الذاتي.
وقالت:
"خريطة الطریق هذه لا تؤمّن فقط الديموقراطية وحقوق الإنسان في إیران، بل تأتي في خدمة السلام، والاستقرار، والإعمار، والتعاون، والتنمية الاقتصادية لإيران والمنطقة والعالم.
وهذا ليس حلماً، بل برنامج عملي وقابل للتحقيق، تسعى إليه منظمة مجاهدي خلق، وشباب الانتفاضة، ووحدات المقاومة، والنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يعملون لیل نهار لتحقيقه".
كما رفضت السيدة رجوي أي حوار أو تفاوض مع نظام الملالي، مؤكدة أن بقاء النظام لا يعني إلا استمرار القمع والحروب، وهو ما يتعارض مع مصالح الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.
موقف حاسم من العلاقات الإقليمية
وفي ما يتعلق بمستقبل العلاقات مع دول المنطقة، أكدت السيدة رجوي أن برنامج المقاومة واضح تماماً في هذا الشأن، حيث نصّت النقطة العاشرة من خطة النقاط العشر على التزام إيران المستقبلية بـ:
"أن تكون غير نووية، خالية من أسلحة الدمار الشامل، ومُلتزمة بالسلام، والتعايش، والتعاون الدولي والإقليمي".
وأضافت أن الشعوب العربية عانت من سياسات نظام الشاه الذي تصرّف كشرطي للمنطقة، ومن بعده نظام الملالي الذي سعى إلى تصدير الإرهاب والطائفية وفرض الهيمنة، مؤكدة أن سقوط النظام سيشكّل نهاية حاسمة لهذه السياسات التوسعية.
إيران جديدة.. حليف للسلام لا عامل فوضى
من النقاط اللافتة في حديثها، تحميلها النظام الحالي مسؤولية خيانة قضية فلسطين، حيث قالت بالنص:
"من أكبر الخيانات التي ارتكبها الخميني ونظام الملالي استغلال هذا النظام لقضية فلسطين وشعاراتها العادلة، حيث وجهوا أكبر ضربة لهذه القضية ولفصائلها الوطنية، وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية".
وشددت على أن وجود نظام ولاية الفقيه هو العقبة الأكبر أمام السلام والاستقرار في المنطقة، لأن سجله طوال أربعة عقود هو سجل حروب وتطرف وإرهاب.
خلاصة: المقاومة مشروع بديل قابل للتنفيذ
تكشف تصريحات مريم رجوي عن مشروع بديل واقعي وشامل للنظام الإيراني القائم، لا يقوم على الشعارات، بل على خطة مفصّلة وقابلة للتحقيق. رؤية إيران ما بعد الملالي التي تقدمها المقاومة الإيرانية تفتح آفاقاً جديدة للتعايش الإقليمي والتعاون الاقتصادي والسياسي.
وفي وقت يعيش فيه النظام أضعف حالاته، اقتصادياً وسياسياً وشعبياً، تبدو المقاومة الإيرانية أكثر استعداداً من أي وقت مضى لتقديم إيران جديدة، متصالحة مع نفسها ومع جيرانها، على أساس الحرية والعدالة والسلام.