الإمام حسن شلغومي يوحد الجميع في إفطار من أجل السلام في باريس

اجتمع أكثر من 400 شخص، من ممثلين دينيين وسياسيين منهم وزيرة التعليم الفرنسية إليزابيث بورن، ومواطنين من جميع الأديان، يوم الأربعاء في باريس، بدعوة من الإمام حسن شلغومي، لإفطار استثنائي مخصص للسلام. كانت الأمسية مليئة بنداءات مؤثرة للوحدة والأمل في سياق دولي متوتر.
من أبرز اللحظات في الحدث كانت مداخلات سفير إسرائيل في فرنسا وعائلات الرهائن المحتجزين من قبل حماس، التي أثرت في الحضور. شهاداتهم، التي حملت ألمًا عالميًا، ذكّرت بضرورة تحرير الأحباء وأهمية الحوار المستمر. اختتم الحاخام الأكبر لفرنسا، حاييم كورسيا، كلمات الحضور باقتباس من الشاعر أبولينير: "لن يتغلب الشفق على الفجر أبدًا"، في إشارة مفعمة لتكريم صبر أولئك الذين يؤمنون بالسلام.
بدأ الإمام شلغومي خطابه بنداء قوي للتعايش: "العيش معًا ليس إنكارًا لاختلافاتنا، بل الاعتراف بها واحترامها وإثرائها بحوار صادق". ووجه تحية لوزير الداخلية، برونو ريتايو، على "نضاله ضد التطرف"، وكذلك لقوات الأمن "التي تحمينا يوميًا". وأكد على الدور المحوري للتعليم قائلاً: "السلام يُبنى بالتعليم. يبدأ هنا بيننا، ويستمر عبر أفعال قوية".
وقد اكد على رفضه بأي شكل من الأشكال العنصرية، ومعاداة السامية، والتطرف" - داعيا إلى التزام جماعي: "وجودكم هو الفعل الأساسي. يذكرنا رمضان أن الصوم لا يتعلق فقط بالامتناع عن الأكل والشرب، بل أيضًا بتطهير القلب واللطف والانفتاح على الآخرين". تحولت الأمسية إلى دعاء جماعي من أجل ضحايا الأزمات العالمية: عودة الرهائن الإسرائيليين من غزة، إطلاق سراح الكاتب بوعلام صنصال، إنهاء الحرب في أوكرانيا، وراحة نفس أوهاد ياهالومي الذي قتل خلال هجمات السابع من أكتوبر.
رجل السلام
في قلب هذا الزخم، كان الإمام حسن شلغومي، إمام درانسي وأحد الشخصيات البارزة في الحوار بين الأديان في فرنسا. على مدار سنوات، قدم هذا الرجل المبدئي العديد من المبادرات لتعزيز "الإسلام التنويري" المفتوح والمترسخ في القيم الجمهورية. وهو مؤسس جمعية "مؤتمر الأئمة في فرنسا"، وينظم بانتظام لقاءات بين المسؤولين المسلمين واليهود والمسيحيين، ويدافع عن العلمانية، ويدين بوضوح جميع أشكال التطرف.
لكن التزامه هذا جلب له تهديدات بالقتل بشكل مستمر. ومنذ عام 2009، هو تحت حماية الشرطة، ورغم ذلك يستمر في نشر رسالة الأخوة، رغم الفتاوى والتهديدات. "الكراهية لن تنتصر"، يكررها بلا كلل. في عام 2015، بعد هجمات شارلي إيبدو، نظم صلاة بين الأديان في المسجد الكبير في باريس جمعت الحاخامات والكهنة والأئمة. وفي وقت لاحق، شارك في مسيرات ضد معاداة السامية ودعم مشاريع تعليمية للشباب في الأحياء.
أصوات موحدة ضد الظلام
بعد خطاب شلغومي، دعا كل من الكاتب مارك هالتر ووزير الفرانكوفونية، ثاني محمد صويليهي، إلى "تحويل الكلمات إلى أفعال". أشاد هالتر بشجاعة عائلات الرهائن الحاضرة، واصفًا إياهم بـ"وجوه المقاومة السلمية"، بينما شدد صويليهي على دور اللغة الفرنسية كـ"جسر بين الثقافات".
يعد هذا الإفطار رمزًا للمقاومة ضد الظلامية. في عالم مجزأ، حيث تتردد التوترات في الشرق الأوسط حتى في فرنسا، يذكر شلغومي أن "كل خطوة نحو السلام هي انتصار ضد الهمجية". مستشهدًا بمثل إسلامي - "إذا لم يكن أخاك في دينك، فهو أخوك في الإنسانية" - اختتم بتمني بسيط وقوي: "لنقم ببناء مستقبل يعيش فيه أطفالنا بدون خوف أو كراهية، بل في الحب والعدالة. تنوعنا هو ثروة لبناء الجسور".