الجيش الفنزويلي... هل يحمي الانتخابات أم يقمع المعارضة؟
يتوقّع أن يلعب الجيش الفنزويلي الذي يعد من ركائز الحكم الاشتراكي المتواصل منذ 25 عاما للبلاد، دورا حاسما بعد انتخابات رئاسية الأحد يسعى الرئيس الحالي نيكولاس مادورو للفوز فيها بولاية ثالثة مدّتها ست سنوات.
لكن من غير الواضح أي الطرفين سيدعم.
تعتمد كل من حكومة مادورو التي توصف بأنها باتت مستبدّة بشكل متزايد، والمعارضة المقتنعة بأنها ستنتصر، على القوات المسلّحة لضمان النتيجة.
ويزعم مادورو المتّهم بتنفيذ حملة أمنية ضد معارضيه قبيل انتخابات الأحد، مرارا بأن الجيش متحالف معه في مسعاه للبقاء في السلطة.
وفي خطاب ألقاه أثناء عرض عسكري لمناسبة عيد الاستقلال في الخامس من تموز، تعهّد القائد الأعلى للقوات المسلّحة بأن "القيادة لن تسقط على الإطلاق في أيدي أوليغارشي، دمية، عميل"، في إشارة واضحة إلى مرشّح المعارضة إدموندو غونزاليس أوروتيا.
من جانبه، حضّ غونزاليس أوروتيا القوات المسلحة في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي على احترام وتطبيق نتيجة الانتخابات، متعهّدا بأن حكومته ستكون حكومة مصالحة.
ترجّح استطلاعات الرأي فوز غونزاليس أوروتيا، الديبلوماسي السابق الذي بات بشكل غير متوقع أبرز مرشّح للمعارضة، بفارق كبير.
لكن تسود مخاوف واسعة من أن مادورو لن يسمح بحدوث ذلك.
وتؤكد المحللة لدى مجموعة الأزمات الدولية ريناتا سيغورا بأن الجيش سيكون "لاعبا حاسما" في حال سُرق فوز المعارضة إذ أنه "إما سيضغط على الحكومة لقبول النتيجة أو أنه سيتحرّك لقمع الاحتجاجات".
- "عاش تشافيز" -
بلغ عدد المنضوين في الجيش الفنزويلي 343 ألفا عام 2020، بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو نفس عدد عناصر جيش المكسيك التي يتجاوز عدد سكانها عدد سكان فنزويلا بأربع مرّات، والثاني بعد كولومبيا والبرازيل، وهما بلدان أكبر بكثير.
وما زال الجيش يردد شعار "عاش تشافيز" في تحيّته الرسمية، تكريما لهوغو تشافيز، سلف مادورو ومؤسس الحركة التشافيزية التي حوّلت البلاد من واحدة من أغنى بلدان أميركا اللاتينية إلى إحدى أكثرها تأزّما.
وكانت الولايات المتحدة على مدى عقود من بين أهم مزوّدي فنزويلا بالأسلحة.
لكن مع انتقالها إلى اليسار في عهد تشافيز من العام 1999 حتى 2013، أقامت علاقات وطيدة مع روسيا التي تزوّد القوات المسلحة الفنزويلية اليوم بطائرات سوخوي وبنادق كلاشنيكوف.
وقبل أسابيع فقط على انتخابات الأحد، زارت سفينتان عسكريتان روسيتان فنزويلا التي تواجه عقوبات أميركية مشددة فُرضت بعدما رفضت عشرات البلدان الغربية والأميركية اللاتينية فوز مادورو بولاية ثانية عام 2018 إثر شبهات بتزوير الاقتراع.
وأشرف تشافيز، وهو نفسه شخصية عسكرية، على تعديل دستوري أعطى الجنود عام 1999 حق التصويت والجيش دورا رئيسيا في مؤسسات الدولية، بما في ذلك قطاع النفط الحيوي.
وبالنسبة لريبيكا هانسن، الخبيرة بفنزويلا لدى جامعة مركز فلوريدا لدراسات أميركا اللاتينية، فإن قيام الجيش بتنفيذ انقلاب حال فوز المعارضة هو "أمر ليس مستبعدا" وإن كان غير مرجّح.
وقالت لفرانس برس إن "ضباطا رفيعي المستوى في الجيش باتوا في غاية القوة في ظل حكومات مادورو.. يعني ذلك بأنهم سيخسرون الكثير حال تخليه عن السلطة".
لكن ذلك لا يعني بأن "الضباط الأقل رتبة سيقبلون بذلك. لم يستفد الضباط الأقل رتبة من رئاسة مادورو كما استفاد رؤساءهم. كما أنهم تأثّروا كثيرا بالأزمة" الاقتصادية التي دفعت حوالى سبعة ملايين شخص للفرار في السنوات الأخيرة.
يسيطر الجيش إلى حد كبير على شركات التعدين وإنتاج النفط وتوزيع الغذاء في فنزويلا، كما يسيطر على خدمة الجمارك وعلى 12 من 34 وزارة.
وقال الجنرال المتقاعد أنتونيو ريفيرو المعارض للتشافيزية والذي يقيم في المنفى لفرانس برس إنه "يتم كسب القوات المسلّحة عبر إعطائهم ميّزات وترقيتهم وخلق مناصب جديدة".
- "سجناء سياسيون" -
تم إدراج حوالى 50 مسؤولا عسكريا عالي المستوى، سواء كانوا من المتقاعدين والعاملين حاليا، على قائمة العقوبات الأميركية بتهم تشمل تهريب المخدرات وانتهاك حقوق الإنسان.
ويفيد ناشطون بأنه تم استخدام جنود في حملة هدفها قمع الاحتجاجات المناهضة لحكم مادورو القاسي والأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وينددون باحتجاز أكثر من 200 "سجين سياسي" بينهم عشرات الجنود المنشقين بتهم غامضة ترتبط بالتآمر أو الخيانة.
يشدد مادورو على أن هدف ما يقوم به هو مجرّد حماية نفسه من الهجمات ومن المخططات يرى أن الولايات المتحدة تقودها للإطاحة به.
وعلى مدى 25 عاما من التشافيزية، لم تفز المعارضة إلا بعمليتي تصويت على الصعيد الوطني: استفتاء عام 2007 على إصلاح دستوري تم رفضه، وانتخابات تشريعية عام 2015.
وبعد ذلك التصويت الذي جاءت نتيجته مفاجئة للنظام، وجّه وزير الدفاع فلاديمير بادرينو رسالة إلى الأمة أشارت إلى أن العملية الانتخابية "لم تشبها شائبة"، وهي خطوة رأى مراقبون أن هدفها التهدئة.
وقالت سيغورا "إنها سابقة مهمّة".
أ ف ب