الأجهزة الأمنية الإيرانية في مرمى العُزلة: رادان يكشف مأزق النظام وعصابته الأمنية

وسط تصاعد الغضب الشعبي واحتدام الأزمات السياسية والاجتماعية في إيران، تطل تصريحات أحمد رضا رادان، قائد شرطة النظام، لتكشف عما يدور خلف جدران السلطة من قلق وفقدان أعصاب. لم تكن مقابلة رادان في 15 يوليو 2025 مع الوكالة الرسمية إلا مرآة لواقع السلطة المرتبك؛ فبدل أن تظهر قوة القبضة الأمنية، أبانت عمق الخوف من المستقبل وإقراراً بالعجز أمام موجة التململ الاجتماعي المتنامية. كلام رادان لم يعبر عن منعة الدولة بل عكس هلع نظام فقد ثقته بنفسه وبمؤسساته.
هاجس الجواسيس والانفجار من الداخل
من خلال تشديده المتكرر على "مراقبة الجواسيس والخونة" وتهديده بتصفيتهم، يحاول رادان تحويل النظر عن أزمات النظام الداخلية بإلقاء اللوم على عملاء وأيادٍ خفية. بيد أن كثيراً من المحللين يرون أن تصدّعات النظام وانكشاف الأسرار الأمنية ليست ناتجة فقط عن تدخل خارجي، بل هي ثمرة الفساد والصراع الخفي بين أجهزة السلطة، من الحرس إلى المخابرات. قصة نجل شمخاني وخروجه المفاجئ من المنزل عشيّة هجوم صاروخي، التي تحولت لمادة تندّر شعبي، ليست سوى وجه آخر لانعدام الثقة حتى بين نخبة النظام نفسه.
بين الأمن المُختل وتهديد الانتفاضة المقبلة
في تعابيره حول الحرب الأخيرة، يسعى رادان لتبرير استقرار الأوضاع الأمنية بفضل "تعامل الشعب"، لكنه في الحقيقة يُظهر بالصدفة هواجس النظام من تكرار انتفاضات جماهيرية قد تطيح بالسلطة. اعتباره أي تحرك احتجاجي "نشاط إجرامي" يُعبر عن منطق نظام لا يفرّق بين مطالب الحرية والعدالة وارتكاب الجريمة. هذا التوصيف المهين لجموع الإيرانيين يعكس عمق الفجوة بين السلطة والشعب.
آلة القمع تتخبط في مواجهة التغيير الاجتماعي
الانتقاد الذي يطارد رادان - كما تشير منظمات حقوق الإنسان والمعارضة - لا يتعلق فقط بتصريحاته الحادة، بل بدوره الرائد في هندسة حملات القمع واعتقال النساء والشباب وكل من يطالب بالتغيير. تحذيراته التي تُسوّق على أنها إجراءات لحماية "الأمن القومي" ما هي إلا محاولة لشرعنة تغوّل السلطة الأمنية في الحياة اليومية وتخويف المواطنين من العواقب.
النظام في مأزق: رادان يتحدث ونبض الشارع يتصاعد
المراقبون يرون أن تركيز رادان على "خونة وجواسيس" ما هو إلا غطاء للهروب من نقاش الفساد والرشى والاختراقات داخل النظام نفسه. ولهجة التصعيد الأمنية تتناقض مع واقع ضعف السيطرة وتصاعد الاحتجاجات في الأحياء والمدن الكبرى. تنقلب تهديدات رادان إلى اعتراف غير مباشر بفقدان كثير من أدوات السيطرة القديمة، ومحاولة يائسة لتعزيز معنويات كوادر أجهزة الأمن المنهكة.
سناريو الانهيار أو التغيير؟
تصريحات قائد الشرطة الإيراني هذه الأيام تعني شيئاً واحداً: النظام يخوض معركة على جبهتين، جبهة شارع غاضب لم يعد يقبل بالإهانة والقمع، وجبهة داخلية تتآكل بفعل الشك والصراعات واهتزاز الثقة. في كل تصريح أمني وتهديد علني، تظهر ملامح نهاية منظومة لم تعد قادرة على احتواء غضب شعب يطالب بالديمقراطية والمحاسبة.