الغضب الشعبي يجتاح المدن من جديد… والاحتجاجات تنذر بانتفاضة لا رجعة فيها

شهدت إيران خلال الأيام الماضية تصعيدًا لافتًا في وتيرة الاحتجاجات الشعبية، حيث خرج آلاف المواطنين من مختلف الطبقات والفئات في تظاهرات غاضبة عمّت مدنًا عدة، في ظل تدهور معيشي خانق وانهيار الخدمات الأساسية، وسط شعور جماعي بالخذلان وانسداد الأفق السياسي.
لا ماء، لا كهرباء، أي تقدم؟
انتشر فيديو لأحد المواطنين الإيرانيين يردّ على تصريحات خامنهای الأخيرة التي ادعى فيها أن "إيران تتقدم رغم أنف الأعداء"، قائلاً بسخرية حارقة:
«نه آب داریم، نه برق… چه پیشرفتی کردهایم؟!»
لا ماء لدينا ولا كهرباء… فأي تقدم حققناه؟
هذا الفيديو لم يكن إلا تعبيرًا صريحًا عن صرخة ملايين الإيرانيين المحاصرين بين القمع والبؤس، والذين لم يعودوا يصدقون شعارات النظام الفارغة.
المتقاعدون في طليعة المواجهة
خرج المتقاعدون في عدد من المدن، أبرزها طهران والأهواز، في مسيرات جريئة رغم حرارة الصيف المرتفعة، هاتفين:
«بازنشسته داد بزن، حقتو فریاد بزن!»
أيها المتقاعد، اصرخ، طالب بحقك!
رفعوا لافتات تندد بسرقة حقوقهم، مؤكدين أنهم لن يسكتوا بعد اليوم على الظلم والإهمال، في وقت تتآكل فيه رواتبهم أمام موجات التضخم والانهيار الاقتصادي.
من الأفران إلى الطرقات… ثورة الخبز تشتعل
شهدت عدة مدن مثل قم، أصفهان، مشهد، وبیرجند احتجاجات قوية من أصحاب الأفران ضد انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار، حيث ألقى بعضهم العجين التالف أمام دوائر الكهرباء في مشهد رمزي أثار تفاعلًا واسعًا، وعبّر عن سخط متراكم لا يمكن كتمه.
سائقي الشاحنات يحتجون أيضًا
سائقي الشاحنات انضموا للاحتجاجات في مدن متعددة، مطالبين بوضع حد لارتفاع أسعار قطع الغيار وتدهور البنى التحتية، بينما تخلّت الحكومة عنهم في ظروف قاسية تزداد سوءًا يومًا بعد يوم.
الكهرباء… نار تحت الرماد
تردّي خدمات الكهرباء وتكرار الانقطاعات في عزّ الحر، خاصة في المصانع والمشاغل والمستشفيات، فجّر موجة غضب جديدة، وارتفعت أصوات تطالب بتحويل الطاقة التي يستهلكها القمعيون في الحرس والبسيج إلى الشعب:
«اقطعوا كهرباء البسيج وأعطوها للشعب!»
«نعيش فوق بحر من النفط والغاز… ولا ماء ولا كهرباء!»
الشعارات تكشف تطور الوعي
لم تتوقف الشعارات عند حدود الاقتصاد، بل تجاوزتها لتشمل مطالب سياسية صريحة:
«الشعب يريد إسقاط النظام»
«لا للشاه ولا للملالي»
«المقاومة هي الحل الوحيد»
هذا التحول يثبت أن الشارع لم يعد يطالب بإصلاحات ترقيعية، بل بات مقتنعًا بأن الخلاص لا يتحقق إلا بإسقاط النظام من جذوره.
وحدات الانتفاضة… نَفَس الثورة في قلب المدن
رغم القمع الأمني، واصلت وحدات الانتفاضة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية تنفيذ عمليات جريئة كتعليق اللافتات الثورية وكتابة الشعارات المناهضة للنظام على الجدران.
هذه الأنشطة، التي تتم في ظل وجود مكثّف للدوريات، تُظهر أن روح المقاومة ما زالت حيّة، وأن نار الانتفاضة ما زالت تتقد في صدور الإيرانيين.
ما يحدث في إيران ليس مجرد تذمر اقتصادي، بل انفجار اجتماعي واسع، وثورة كامنة تبحث عن الشرارة الكبرى. النظام يحاول التعتيم، لكن صوت الشارع صار أعلى من أن يُقمع، وأقوى من أن يُجهض.
إنه زمن التحوّل… والنظام في مرمى الغضب الشعبي الذي يزداد جرأة واتساعًا كل يوم.