أعلنت «قوات الدعم السريع» السودانية، الاثنين، هدنة إنسانية من طرف واحد تستمر ثلاثة أشهر، غداة إعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان رفضه مقترحاً دولياً بالهدنة.
وقال قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، في كلمة مسجلة: «انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية واستجابة للجهود الدولية المبذولة وعلى رأسها مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومساعي دول الرباعية... نعلن هدنة إنسانية تشمل وقف الأعمال العدائية لمدة ثلاثة أشهر» والموافقة على تشكيل آلية مراقبة دولية، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وأكد دقلو، في كلمته، «التزامنا بمسار سياسي يشارك فيه الجميع ما عدا (الحركة الإسلامية الإرهابية) و(الإخوان المسلمين) والمؤتمر الوطني؛ لأنهم يتحملون كل المأساة التي يعيشها شعبنا طيلة ثلاثة عقود».
وطوال العامين الماضيين، قام طرفا الحرب في السودان بخرق جميع اتفاقات الهدنة، ما أدى إلى فشل جهود التفاوض.
وفي وقت سابق، أكد القائد العام للجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، مجدداً رفضه لأي تسوية تُبقي على «قوات الدعم السريع» أو تعيدها إلى الشراكة في الحكم من خلال أي اتفاق للمرحلة الانتقالية أو مستقبل السودان. وهاجم البرهان بحدة لافتة مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، معتبراً إياه منحازاً لـ«قوات الدعم السريع»، كما أبدى عدم ثقته بمبادرة «الرباعية الدولية» معتبراً إياها «أسوأ ورقة» قُدمت لهم لوقف الحرب، وانتقد مشاركة دولة الإمارات في «الرباعية» واتهمها بدعم «قوات الدعم السريع»، بينما أشاد بالدور السعودي ومبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وشن البرهان هجوماً حاداً على بولس واصفاً إياه بأنه «عقبة في سبيل السلام» في السودان، مضيفاً: «هو (بولس) يتصرف كأنه يريد أن يفرض علينا الحلول. فالورقة التي طرحها علينا أسوأ ورقة؛ لأنها تلغي وجود القوات المسلحة، وتطالب بحل الأجهزة الأمنية، وتحفظ لـ(قوات الدعم السريع) أماكنها ووجودها». وأعلن البرهان رفضه القاطع لخريطة طريق «الرباعية»، موجهاً حديثه لبولس بقوله: «ورقتك هذه غير مقبولة، لا تغني ولا تسمن من جوع».
وجاءت تصريحات البرهان لحسم الجدل بشأن مبادرة دول «الرباعية» التي تضم كلاً من الولايات المتحدة والسعودية، والإمارات، ومصر، والتي أعلنتها في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي، وتشمل خريطة طريق لحل الأزمة في السودان، وأبرز معالمها هدنة إنسانية لثلاثة أشهر، ثم وقف دائم لإطلاق النار، وفترة انتقالية قصيرة تقود إلى حكومة مدنية مع التشديد على عدم وجود حل عسكري، وإبعاد الإسلاميين من المشهد السياسي لمرحلة ما بعد الحرب.
عنف مستمر
وكانت «قوات الدعم السريع» أعلنت في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) موافقتها على مقترح الهدنة الإنسانية، غير أنها قامت في اليوم التالي بقصف الخرطوم وعطبرة الواقعتين تحت سيطرة الجيش.
وأعقب ذلك إعلانها وصول «حشود ضخمة» من مقاتليها إلى مدينة بابنوسة في غرب كردفان، في محاولة للسيطرة على مقر الجيش هناك، فيما يستمر حصارها لمدينتي كادوغلي والدلنغ بجنوب كردفان.
وفي منتصف نوفمبر استهدفت «قوات الدعم السريع» سد مروي الرئيسي في شمال السودان بضربات عدة بواسطة مسيّرات، كما قصفت مقر الجيش في المدينة.
وخسر الجيش في 26 أكتوبر (تشرين الأول) مدينة الفاشر بعد حصار طويل من جانب «قوات الدعم السريع» التي باتت تسيطر على كل غرب السودان.
وامتدت المعارك من إقليم دارفور إلى منطقة كردفان المجاورة الغنية بالنفط والتي تربط العاصمة الخرطوم بغرب السودان.
ومنذ سقوط الفاشر تتوالى تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف عرقي وخطف واعتداءات جنسية، فيما أشارت منظمات حقوقية إلى وقوع عمليات قتل على أساس عرقي في المناطق الخاضعة لسيطرة «الدعم السريع».
وحسب المنظمة الدولية للهجرة، فرّ منذ نهاية الشهر الماضي أكثر من 100 ألف مدني من الفاشر إلى مدن مجاورة، إضافة إلى نحو 40 ألف نازح من شمال كردفان.
والأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أثناء لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في واشنطن عزمه على إنهاء «الفظائع» الدائرة في السودان بناء على طلب من ولي العهد السعودي.
ورحّبت «قوات الدعم السريع» والإمارات بإعلان الرئيس الأميركي، كما أكد البرهان استعداده للتعاون مع واشنطن والرياض لإنهاء الحرب.
وأدّت الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من عامين إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت في أزمة جوع حادّة تهدد ملايين المدنيين.