خطاب خامنئي للبرلمان: فرض الصمت الداخلي وتوحيد الصوت تجاه التحديات الخارجية

في ظل تصاعد الضغوط الدولية على النظام الإيراني، وخصوصًا بعد قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أدان طهران بسبب انتهاكات برنامجها النووي، يواجه النظام أزمة داخلية عميقة تهدد استقراره. وفي هذا السياق، وجّه المرشد الأعلى، علي خامنئي، خطابًا حادًا إلى البرلمان الجديد في 10 يونيو 2025، كشف فيه عن قلقه العميق ليس من التحديات الخارجية، بل من الانقسامات الداخلية التي يخشى أن تتحول إلى شرارة انتفاضة شعبية عارمة.
في كلمته، شدد خامنئي على ضرورة "الانسجام الوطني" وطلب من نواب البرلمان الحد من آليات الرقابة على المسؤولين الحكوميين، قائلاً: "يجب تقليل استدعاء المسؤولين والأسئلة الموجهة إليهم… هذه التحقيقات يجب ألا تتجاوز الحد اللازم". هذا التوجيه الصريح يعكس استراتيجية خامنئي لفرض سيطرة كاملة على الخطاب الداخلي، وتحويل البرلمان إلى أداة تصفيق لا مكان فيها للاختلاف أو النقد، خوفًا من أن تكشف الخلافات علنًا هشاشة النظام وتزيد من غضب الشارع.
وفي محاولة لتزييف الواقع، نفى خامنئي وجود كراهية شعبية ضد مؤسس النظام، قائلاً: "لقد شنوا دعاية ضد الإمام، لكنكم ترون كيف يتصرف الناس في ذكرى رحيله بعد أكثر من أربعين عامًا!"، وهو ما يكشف عن انفصال رأس النظام عن نبض الشارع، واعتماده على الدعاية كغطاء لحقيقة تآكل شعبيته.
الخوف من الشارع هو المحرك الأساسي لهذه الإجراءات، إذ يدرك خامنئي أن الخطر الحقيقي لا يأتي من الخارج، بل من الداخل، حيث تتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وتتصاعد مطالب الشعب بالحرية والعدالة. لهذا السبب، حذر النواب من أن يتحول "منبر المجلس" إلى منصة للخلافات، مهددًا بأن هناك من "سيستغل كلامكم بشكل سيء للإضرار بالنظام والحكومة".
في الوقت نفسه، يواصل النظام المناورة مع القوى الغربية، مستفيدًا من سياسة الاسترضاء التي تتبعها بعض الحكومات، لكنه يعلم أن المواجهة مع الشعب هي الكابوس الحقيقي الذي يهدد وجوده. لذلك، يركز جهوده على ترميم جبهته الداخلية المتهالكة، ليس حبًا في الوحدة، بل خوفًا من أن تكون الانقسامات الداخلية سببًا في إشعال انتفاضة شعبية لا يمكن السيطرة عليها.
هذا الخطاب يأتي في وقت يشهد فيه النظام ضغوطًا دولية متزايدة، خاصة بعد كشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية عن مشروع نووي سري باسم "طرح کویر"، الذي يُعتبر امتدادًا لبرنامج "آماد" السابق، ويهدف إلى تطوير أسلحة نووية سرية في مواقع متعددة بمحافظة سمنان، مما يزيد من تعقيد ملف البرنامج النووي الإيراني ويضع النظام في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي.
في الختام، يظهر خطاب خامنئي كيف أن النظام يعاني من أزمة داخلية عميقة، ويخشى من أن يكون الصوت الواحد الذي يفرضه في البرلمان مجرد قناع هش يحاول به إخفاء التصدعات التي قد تؤدي إلى زلزال شعبي يطيح به. في ظل هذه الأجواء، يبقى السؤال: هل يستطيع النظام الاستمرار في كتم الأصوات الداخلية بينما يواجه أزمات متراكمة على كل المستويات؟