إفشاءات المقاومة الإيرانية: درع نووي يحمي السلام العالمي

في واحدة من أكثر جبهات المواجهة خطورة مع نظام ولاية الفقيه، برزت المقاومة الإيرانية، وخاصة منظمة مجاهدي خلق، كقوة رائدة في كشف المشروع النووي السري الذي سعى النظام من خلاله إلى امتلاك أسلحة نووية لتعزيز بقائه وطموحاته التوسعية. على مدى أكثر من أربعة عقود، شكلت هذه الإفشاءات صمام أمان للسلام العالمي، حيث واجهت المقاومة التعتيم الدولي والتخاذل الغربي بوثائق دقيقة وحقائق دامغة، مما حال دون تحول النظام إلى قوة نووية تهدد التوازنات الإقليمية والدولية. الكشف الأخير عن موقع نووي سري في إيوانكي عام 2025 يعيد تأكيد هذا الدور الحاسم، ويكشف عن قدرة المقاومة على إرباك حسابات النظام ودفعه إلى زاوية المساءلة.
فضح الطموح النووي: من كلايه إلى إيوانكي
بدأت رحلة المقاومة في كشف المشروع النووي الإيراني في أوائل التسعينات، عندما كشفت في يونيو 1991 عن موقع تخصيب اليورانيوم في معلم كلايه، مفتتحةً مرحلة جديدة من المواجهة مع طموحات النظام العسكرية. النقطة الفاصلة جاءت في أغسطس 2002، حين أعلن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في واشنطن عن وجود منشأتي نطنز وأراك، مقدمًا وثائق تفصيلية أجبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على فتح تحقيق رسمي. تقرير الوكالة لعام 2003 أكد أن هذه المعلومات كانت حاسمة، حيث قال: “بدون المعلومات التي قدمتها المعارضة الإيرانية، لما كنا قادرين على اكتشاف هذا المستوى من التكتم النووي.” هذه الإفشاءات كشفت عن استراتيجية النظام التي تعود إلى الثمانينات، كما أقر أكبر هاشمي رفسنجاني في حوارات نشرت عام 2015، حيث اعترف بأن النظام سعى لامتلاك معدات نووية من العالم الباكستاني عبد القادر خان لمواجهة تهديدات إقليمية، خاصة من العراق، معتبرًا القنبلة “وسيلة لحماية النظام.” في مايو 2025، عادت المقاومة لتكرر إنجازها بكشف موقع نووي سري في إيوانكي، يحمل الاسم الرمزي “قوس وقزح” (رنگينكمان)، مما أثار ذعر النظام ووسائله الإعلامية. صحيفة إنصاف نيوز شبّهت الحدث بفضيحة 2002، مؤكدة أن “مجاهدي خلق يقفون خلف كل ذلك مجددًا.” هذه الإفشاءات لم تكن مجرد عمليات استخباراتية، بل تحركات استراتيجية أحبطت خطط النظام لتقديم برنامجه النووي كأمر واقع.
من الكشف إلى العزل الدولي
كانت إفشاءات المقاومة النواة التي أدت إلى فرض عقوبات دولية قاسية على النظام بين عامي 2006 و2010، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي ستة قرارات، بدءًا من القرار 1696 في يوليو 2006، فرضت قيودًا اقتصادية وسياسية وأمنية شلت قدرة النظام على المناورة. هذه العقوبات أجبرت النظام على التفاوض وتوقيع الاتفاق النووي “البرجام” عام 2015، في خطوة أكدت تأثير المقاومة على ميزان القوى الدولي. خبير دولي في شؤون الطاقة وصف هذا الدور بأنه “غيّر ميزان القوى، وكشف الوجه الحقيقي للمشروع النووي للنظام.” الكشف عن موقع إيوانكي في 2025 أعاد إحياء هذا التأثير، حيث وضع النظام تحت ضغط دولي جديد، مع احتمال فرض عقوبات إضافية إذا ثبتت صحة المعلومات. دبلوماسي غربي سابق أشاد بالمقاومة، قائلاً: “العالم مدين للمقاومة الإيرانية بكثير من الامتنان… لأنها منعت انفجار أزمة نووية تهدد البشرية.” هذه الإفشاءات لم تحمِ السلام العالمي فحسب، بل عززت نضال الشعب الإيراني ضد الفاشية الدينية، حيث أظهرت قدرة المقاومة على تحدي النظام في أكثر ميادينه حساسية.
المقاومة حصن السلام العالمي
إفشاءات المقاومة الإيرانية، من كلايه إلى إيوانكي، شكلت درعًا نوويًا منع النظام من امتلاك القنبلة الذرية وأحبط طموحاته التوسعية. بفضل وثائقها الدقيقة وجرأتها السياسية، غيّرت المقاومة المعادلة الدولية، وأجبرت النظام على مواجهة العزل والعقوبات. دورها التاريخي في حماية السلام العالمي يستحق التقدير، حيث أنقذت البشرية من كارثة نووية محتملة، وأبقت شعلة الأمل مشتعلة لإسقاط الديكتاتورية وتحقيق إيران حرة.
