إدانة دولية لإيران وتصعيد نووي: النظام في مأزق بلا مخرج

في خطوة تعكس العزلة المتزايدة للنظام الإيراني، أقر مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم الخميس 12 يونيو 2025، قرارًا ضد إيران بأغلبية 19 صوتًا مؤيدًا مقابل 11 صوتًا ممتنعًا، مع معارضة روسيا والصين وبوركينافاسو. جاءت هذه الإدانة بعد مناقشات مكثفة يوم الأربعاء 10 يونيو، حول مشروع قرار يستنكر انتهاكات طهران لالتزاماتها بموجب اتفاق الضمانات، مما يضع النظام في ورطة غير مسبوقة.
واستند القرار إلى تقرير شامل قدمه المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، أكد فيه أن إيران تواصل تسريع أنشطتها النووية دون مبرر مدني موثوق. وأشار إلى أن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة على أسلحة نووية التي تنتج اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي كمية كافية –في حال التخصيب إلى 90%– لصنع عدة قنابل نووية. وأوضح غروسي أن “الوكالة لا تستطيع ضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني”، مشيرًا إلى اكتشاف جزيئات يورانيوم في مواقع غير معلنة ووجود “برنامج نووي منظم غير معلن”.
تصعيد نووي إيرانيردًا على القرار، أصدرت وزارتا الخارجية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية بيانًا مشتركًا أعلنا فيه أن “التعليمات صدرت لإنشاء مركز جديد للتخصيب في موقع آمن، واستبدال أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول في منشأة فوردو بأجهزة متقدمة من الجيل السادس”. يعكس هذا التصعيد النووي تحديًا صارخًا للمجتمع الدولي، ويتماشى مع “خطة كوير” التي كشف عنها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في 10 يونيو 2025، والتي أمر بها المرشد الأعلى علي خامنئي لتطوير أسلحة نووية تحت ستار أنشطة عسكرية ومدنية في مناطق صحراوية بمحافظة سمنان.
ردود فعل متخبطةعكست ردود فعل النظام حالة من الإحباط واليأس. فقد وصف محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية، الوكالة بأنها “فاقدة للمصداقية”، مدعيًا أن “130 مفتشًا لم يعثروا على أدلة على عدم الامتثال”. لكن تقرير غروسي دحض هذه الادعاءات، مشيرًا إلى أدلة واضحة على أنشطة نووية سرية. من جانبه، عبر بهروز كمالوندي، المتحدث باسم المنظمة، عن قلقه من تفعيل “آلية الزناد” (Snapback) التي ستعيد العقوبات الدولية دون إمكانية استخدام روسيا أو الصين لحق النقض. وأقر كمالوندي بأن محاولات التعاون مع الوكالة كانت عقيمة، وأن الوكالة أعادت فتح ملفات سابقة مثل قضية القرص المعدني في مختبر جابر بن حيان وملف لويزان شيان، مما يكشف استمرار انتهاكات النظام.
وفي محاولة يائسة للتصدي للضغوط، هدد كمالوندي بتقليص التعاون مع الوكالة، مؤكدًا أن النظام أعد “قائمة من القضايا” الفنية. لكن هذه التهديدات تعكس عجز النظام عن مواجهة سجل انتهاكاته، حيث يجد نفسه عالقًا بين تقليص التعاون وزيادة التخصيب، مما يسرع من تفعيل آلية الزناد، أو قبول الشفافية الكاملة التي يرفضها خوفًا من كشف برامجه السرية.
توترات إقليمية ودوليةتتزامن هذه التطورات مع تصاعد التوترات الإقليمية. فقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 11 يونيو، إجلاء بعض القوات الأمريكية من الشرق الأوسط بسبب المخاطر الأمنية. كما أفادت تقارير بأن إسرائيل تستعد لشن هجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية، مما يثير قلق المسؤولين الأمريكيين من تحرك إسرائيلي منفرد. وأكد الاتحاد الأوروبي أن أنشطة إيران النووية تشكل “مخاطر كبيرة جدًا” تتعلق بانتشار الأسلحة النووية، مما يعزز الضغوط الدولية على طهران.
الخلاصة: الحل في دعم المقاومةتؤكد هذه التطورات، إلى جانب كشف “خطة كوير” النووية السرية وتصعيد إيران لأنشطتها النووية في فوردو، أن نظام خامنئي لا يملك القدرة ولا الرغبة في الالتزام بالاتفاقيات الدولية، بل يعتمد استراتيجية المماطلة والخداع لكسب الوقت. إن الحل لا يكمن في المهادنة مع النظام ولا في الحرب، بل في دعم المقاومة الإيرانية والشعب الإيراني في سعيهما لتغيير النظام، وهو السبيل الوحيد لوقف التهديد النووي وضمان الاستقرار في المنطقة.