آلاف الإيرانيين يتظاهرون أمام الأمم المتحدة رفضاً لحضور رئيس النظام ومطالبةً بالتغيير الجذري

في 24 من أيلول/سبتمبر 2025، تحوّل محيط مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك إلى ساحة حاشدة غصّت بآلاف الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة وأنصار المعارضة الإيرانية، الذين جاؤوا من مختلف الولايات الأميركية ليؤكدوا رفضهم لحضور مسعود بزشكيان، رئيس النظام القائم على الإعدامات، في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقد اتّسمت هذه التظاهرة بزخم خاص، إذ ارتفعت الهتافات المطالبة بإسقاط حكم ولاية الفقيه وإعادة المقعد الأممي إلى الشعب الإيراني وممثليه الشرعيين.
الحدث الأبرز كان بثّ رسالة السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بصوتها مباشرة أمام الحشود، حيث أكدت أن المجتمع الدولي يشهد اليوم أنّ الإيرانيين في المنفى يمثلون بحق صوت الشعب المقموع. وقالت: "أنتم صوت الشعب الإيراني أمام الأمم المتحدة، وليس رئيس خامنئي الذي في 14 شهراً فقط أشرف على إعدام 1817 إنساناً. هذا النظام تورّط في جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية بشهادة المقرّر الخاص للأمم المتحدة بعد 6 سنوات من التحقيق". وأضافت أن ما يقوم به النظام لم يعد يخفى على أحد، وأن وقت الاعتراف بشرعية نضال الشعب الإيراني من أجل إسقاط الاستبداد قد حان.
رجوي شددت على أنّ "مقعد الشعب الإيراني في الأمم المتحدة لا يجوز أن يشغله نظام قائم على المجازر والإعدامات"، داعيةً إلى إحالة ملف جرائم النظام إلى مجلس الأمن الدولي، ومحاكمة خامنئي وأركان حكمه أمام محكمة دولية. كما أعادت طرح الرؤية البديلة بوضوح: "السيادة للشعب، جمهورية شعبية، لا ملالي ولا الشاه. لقد انتهى زمن كل أنواع الديكتاتورية".
التظاهرة شهدت حضور شخصيات أميركية بارزة دعمت بوضوح مطالب الإيرانيين. القاضي مايكل موكيسي، وزير العدل الأميركي الأسبق، وصف وجود بزشكيان في الأمم المتحدة بأنه إهانة للشعب الإيراني، مؤكداً أنّ هذا الطبيب الذي يروّج له كـ"إصلاحي" لا يختلف عن أمثلة أخرى كديكتاتور سوريا بشار الأسد. وأكد موكيسي أن الحلّ الوحيد هو التغيير الشامل على يد الشعب نفسه، مشدداً على أنّ خطة مريم رجوي ذات البنود العشرة تمثل البديل الديمقراطي الوحيد. وأعلن رفضه القاطع لأي دور لرضا بهلوي أو فلول الشاه، مكرراً شعار "لا للشاه، لا للملالي".
من جهته، السفير مارك غينسبرغ، السفير الأميركي الأسبق في المغرب، ذكّر بأنّ منظمة مجاهدي خلق تحتفل بالذكرى الستين لتأسيسها، وأنها قادت طيلة عقود النضال ضد الديكتاتورية الدينية. وأشاد بشبكات المقاومة داخل إيران وبدور معسكر أشرف 3 في ألبانيا كمركز حيوي للمقاومة. وقال: "لو لم تكن مريم رجوي تهدد هذا النظام لما كرّس جهده ليل نهار للقضاء عليها. إنها تمثل خارطة طريق ديمقراطية لإيران المستقبل بلا تدخل أجنبي ولا أحذية عسكرية غريبة". وأكد بدوره رفض أي عودة لحكم الشاه، معتبراً أن مستقبل إيران يقرره شعبها وحده.
القاضي السابق وعضو الكونغرس الأميركي تيد بو ألقى كلمة مؤثرة شبّه فيها نضال الشعب الإيراني بثورة الاستقلال الأميركية. وقال: "الحقوق تأتي من الله لا من الحكومات، وللشعب الإيراني الحق والواجب في إسقاط الطغيان". وأكد أن خطة رجوي ذات البنود العشرة تشبه إعلان استقلال جديد لإيران، داعياً إلى محاكمة الحرس الثوري باعتباره منظمة إرهابية. كما أشاد بدور النساء والشباب في الانتفاضات الشعبية، واعتبرهم الطليعة التي يخشاها الملالي أكثر من أي شيء آخر.
لقد أظهر هذا الحشد الكبير في نيويورك أن البديل موجود ويتمثل في المقاومة الإيرانية بقيادة مريم رجوي، وأن الرؤية واضحة: دولة ديمقراطية قائمة على فصل الدين عن الدولة، المساواة بين الرجل والمرأة، إلغاء عقوبة الإعدام، والتعايش السلمي مع دول الجوار. هذه الرؤية تحظى اليوم بتأييد شخصيات سياسية وحقوقية عالمية، وتزداد رسوخاً مع كل تظاهرة وشهادة دولية جديدة.
في الختام، حمل المتظاهرون رسالة واضحة إلى قادة العالم المجتمعين في نيويورك: لا شرعية للنظام الذي يقتل أبناءه في الساحات والسجون. الشرعية الحقيقية هي لتلك الأصوات التي علت أمام مقر الأمم المتحدة، مؤكدة أن التغيير في إيران بات حتمياً، وأن الشعب ومعارضته المنظمة مصممان على انتزاع حريتهم وصياغة مستقبل جديد يقوم على الديمقراطية والسيادة الشعبية.