493 حركة احتجاجية تعكس انفجار الغضب الشعبي وتدهور النظام"

شهدت إيران خلال شهر مايو 2025 تصاعداً غير مسبوق في الحركات الاحتجاجية، حيث تم تسجيل ما لا يقل عن 493 حركة احتجاجية في مختلف المدن الإيرانية، تعكس حالة الغليان الشعبي العميق ضد النظام الحاكم وأزماته المتفاقمة. هذه الاحتجاجات شملت فئات مختلفة من المجتمع الإيراني، من سائقي الشاحنات إلى المتقاعدين والعمال والخبازين والمعلمين والمزارعين، بالإضافة إلى طلاب وأطباء وسائقين وأصحاب محلات، مما يدل على اتساع دائرة الغضب الشعبي وانتشاره عبر جميع شرائح المجتمع.
توزيع الاحتجاجات والفئات المشاركة
سائقو الشاحنات: كان لهم النصيب الأكبر من الاحتجاجات، حيث شهد شهر مايو 174 حالة احتجاج منها 11 إضراباً عاماً في 163 مدينة، احتجاجاً على انخفاض الأجور، ارتفاع رسوم التأمين، قلة حصة الوقود، سوء حالة الطرق، والرسوم العالية على الطرق السريعة. استمرت إضرابات سائقي الشاحنات لأكثر من 11 يوماً في عشرات المدن، مع تحركات قوية في طهران، كرمانشاه، أراك، وغيرها، حيث أوقفوا حركة الشحن تماماً مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية والمهنية.
المتقاعدون: شارك متقاعدو الضمان الاجتماعي وقطاعات أخرى في 97 حالة احتجاج، بسبب عدم استلام رواتبهم، تدني الرواتب، عدم تعديلها بما يتناسب مع التضخم، وتدخل الحكومة في صناديق التقاعد.
الخبازون: نظموا 57 احتجاجاً في عدة مدن مثل طهران وأصفهان ومشهد، احتجاجاً على عدم دفع الدعم المالي، ارتفاع التكاليف، وانخفاض الدخل، رافعين شعارات تعبر عن رفضهم للوعود الزائفة وإغلاق المخابز كوسيلة احتجاجية.
العمال: شاركوا في 47 احتجاجاً ضد انعدام الأمن الوظيفي، تدني الأجور، الفصل التعسفي، وعدم دفع المستحقات، مع تركيز على قطاعات النفط والغاز، المناجم، البلديات، والصناعات المختلفة في مدن مثل لافان، الأهواز، أراك، بندرعباس، وغيرها.
المعلمون: نفذوا 22 احتجاجاً في مدن متعددة احتجاجاً على أوضاع صندوق الادخار وعدم دفع مستحقاتهم.
المزارعون: نظموا 9 احتجاجات بسبب انقطاع الكهرباء المستمر، عدم حصولهم على مستحقات بيع القمح، ونقص المياه في مناطق مثل شيراز والأهواز.
الباعة وأصحاب المحلات: شاركوا في 5 احتجاجات ضد انقطاع الكهرباء وارتفاع تكاليف المرافق في طهران وشيراز وسنندج.
طلاب وأطباء وسائقو سيارات الأجرة: شاركوا في احتجاجات محدودة بسبب انقطاعات في الخدمات وعدم تجديد أسطول النقل.
فئات أخرى: شملت 76 حالة احتجاج من أسر السجناء، ضحايا الحوادث، البحارة، مكتتبي مشاريع الإسكان، عملاء شركات السيارات، موظفي شركات المياه والكهرباء، والباحثين عن عمل، مما يعكس اتساع نطاق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية.
ملامح الاحتجاجات وأسبابها
تتسم الاحتجاجات في مايو 2025 بطابعها الشامل والمتنوع، حيث لا تقتصر على مطلب معيشي واحد بل تشمل قضايا اقتصادية واجتماعية متعددة:
الأوضاع الاقتصادية الصعبة: ارتفاع أسعار الوقود، غلاء قطع الغيار، ضعف الأجور، وعدم دفع المستحقات المالية، كلها عوامل أدت إلى تصاعد الغضب الشعبي.
غياب الحماية الاجتماعية: عدم صرف الرواتب والمتقاعدات، ضعف التأمينات الاجتماعية، وتدخل الحكومة في صناديق التقاعد.
انقطاعات الخدمات الأساسية: انقطاع الكهرباء والمياه في مناطق متعددة، مما زاد من معاناة السكان.
القمع الأمني: تعرض المحتجون، خاصة سائقي الشاحنات والخبازين، للاعتداءات من قبل قوات الأمن باستخدام الهراوات والغاز المسيل للدموع وعمليات الاعتقال، مما زاد من إصرار المحتجين على مواصلة تحركاتهم.
تحليل الوضع السياسي والاجتماعي
تأتي هذه الاحتجاجات في ظل أزمة عميقة في قمة السلطة الإيرانية، حيث فشلت حكومة پزشکیان الجديدة في تقديم حلول للأزمات المتعددة التي تواجه النظام، كما أن المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة لم تؤد إلى تحسن ملموس في الوضع الاقتصادي أو السياسي. هذا الواقع دفع الشعب الإيراني إلى الخروج في احتجاجات متزايدة ومتنوعة، تعبر عن رفض واسع للنظام القائم، وتطالب بتغيير جذري وشامل.
الاحتجاجات اليومية والمتزامنة في مختلف القطاعات تشكل مؤشراً على أن الشعب الإيراني لم يعد يخشى القمع، وأن وعيه بحقوقه وبمسببات أزماته قد بلغ مستوى غير مسبوق. الشوارع التي كانت سابقاً ميداناً لفرض النظام أصبحت اليوم منابر حرة لرفع الصوت ضد الفقر والفساد والتمييز. هذا التلاحم الشعبي بين الفئات المختلفة، من سائقي الشاحنات إلى العمال والمعلمين والمزارعين، يشير إلى احتمال انفجار اجتماعي أكبر في المستقبل القريب، مع استمرار غياب الحلول السياسية والاقتصادية.
في مايو 2025، شهدت إيران موجة احتجاجات غير مسبوقة بلغت 493 حركة احتجاجية، تعبر عن أزمة عميقة في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي. هذه الاحتجاجات شملت جميع فئات المجتمع تقريباً، مع تصاعد واضح في إضرابات سائقي الشاحنات والعمال والخبازين والمتقاعدين. رغم القمع الأمني، تستمر الاحتجاجات في التوسع، مما يعكس استياءً شعبياً متزايداً من الأوضاع الراهنة ويشير إلى احتمالية تغييرات جذرية في المشهد الإيراني إذا استمرت الأزمة دون معالجة حقيقية.