46 ثانية... فوز الجزائرية إيمان خليف على كاريني يثير ضجة في أولمبياد باريس
لم ينتهِ النزال بين الملاكمة الجزائرية إيمان خليف وخصمتها أنجيلا كاريني بشكل طبيعي الخميس في أولمبياد باريس، إذ انسحبت الإيطالية بعد 46 ثانية فقط اثر لكمتين قويتين على رأسها، ما أثار جدلاً متجدّداً حول أهلية خليف التي أوقفت في بطولة العالم بسبب ارتفاع مستويات هرمون التستوستيرون.
بعد لكمة مباشرة على رأس كاريني، توجّهت الأخيرة إلى زاوية الحلبة معبّرة لمدرّبها عن رغبتها بعدم مواصلة النزال: "صعدت إلى الحلبة من أجل القتال. لم استسلم، لكن اللكمة أوجعتني كثيراً وقلت هذا يكفي. بدأ أنفي ينزف من الضربة الأولى".
تابعت: "أتدرّب مع شقيقي. لقد خضت نزالات ضد رجال باستمرار، لكني شعرت بألم كبير اليوم".
أضافت ابنة الخامسة والعشرين لصحف بلادها بعد رفضها مصافحة خليف: "لن أحكم (عليها) أو اتخذ قراراً، فإذا كانت هذه المرأة هنا فهو لسبب ما".
وكانت خليف حُرمت من خوض نهائي بطولة العالم في نيودلهي العام الماضي بسبب عدم استيفاء معايير أهلية الجنس و"مستويات هرمون التستوستيرون"، حسب موقع الألعاب المخصص للرياضيين المعتمدين في الأولمبياد.
لكن الاتحاد الدولي للملاكمة قال الأربعاء انهما اوقفتا "لعدم تلبية معايير الأهلية... لم تخضع الرياضيات لفحص تستوستيرون، لكن لاختبار منفصل ومعترف به تبقى تفاصيله سرّية".
نزاع اتحاد الملاكمة والأولمبية
واستُبعِد الاتحاد الدولي للملاكمة من اللجنة الأولمبية الدولية العام الماضي في أعقاب نزاع مرير، مرتبط بالحوكمة والمالية والأخلاقيات، بين رئيس الأخيرة الألماني توماس باخ ورئيس الأول الروسي عمر كريمليف، ما يعني أن الهيئة الأولمبية الدولية تتحمل مسؤولية تنظيم الملاكمة في ألعاب باريس.
ورغم استبعاد خليف والتايوانية يو تينغ لين التي تلعب الجمعة في وزن 57 كلغ، عن بطولة العالم، اعتُبرتا مؤهلتين للتنافس في مسابقات السيدات في باريس، وذلك بعد منافستهما أيضاً في أولمبياد طوكيو قبل ثلاثة أعوام.
قالت خليف (25 عاماً) التي حلّت خامسة في أولمبياد طوكيو صيف 2021، للتلفزيون الجزائري بعد نزالها: "هذا الانتصار الأول وأتمنى الحصول على الثاني لضمان ميدالية. ثم أتمنى الحصول على ميدالية ذهبية. أحب أن أقول للشعب الجزائري إنني سأقوم بكل ما في وسعي كي أسعده".
بدوره، قال محمد شعوة مدرّب خليف التي تأهلت إلى الدور ربع النهائي من وزن 66 كلغ: "كل هذه الجدليات تمنحها القوة للتقدّم".
ضوء أخضر من الأولمبية الدولية
وكان المتحدّث باسم اللجنة الأولمبية الدولية مارك أدامز قال للصحافيين الثلثاء: "كل من يتنافس في فئة السيدات يمتثل لمعايير الأهلية. إنهنّ (بالمجمل) نساء في جوازات سفرهن ويُذكَر أن هذه هي حالهن، وهن إناث".
وتابع: "لقد تنافست هاتان الرياضيتان مرات عدة من قبل لسنوات عدة. لم تظهرا فجأة من العدم"، مُذكِراً أنهما شاركتا أيضاً في الألعاب الأولمبية الأخيرة في طوكيو صيف 2021.
وتعرّضت مشاركة خليف في النزال لانتقادات لاذعة من الطرف الإيطالي، فانتقدت رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني "نزالاً لم يكن عادلاً"، مضيفة: "لا اتفق مع اللجنة الأولمبية الدولية".
أضافت في مقطع فيديو نُشر بعد النزال: "أعتقد انه لا يجب السماح للرياضيات اللواتي يملكن خصائص وراثية ذكورية بالمشاركة في المسابقات النسائية".
ووصفت بطلة كرة المضرب السابقة الأميركية مارتينا نافراتيلوفا الوضع بـ"المؤسف" معتبرة خليف بانها "رجل بيولوجي".
وكتبت ريم السالم المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات ان كاريني "والرياضيات الأخريات لا ينبغي أن يتعرضن لهذا العنف الجسدي والنفسي على أساس جنسهن".
وأدانت اللجنة الأولمبية والرياضية الجزائرية "التصرّف غير الأخلاقي" الذي استهدف خليف قبل مباراتها الافتتاحية "من قبل بعض وسائل الإعلام الأجنبية بالدعاية الباطلة. إن مثل هذه الهجمات على شخصها غير أخلاقية وباطلة تماماً، خاصة وهي تستعد لأهم حدث في مسيرتها الرياضية، الألعاب الأولمبية".
وأضافت: "نطالب منكم كل التشجيعات لبطلتنا إيمان التي صارت تسبب الأرق للبعض بمستواها العالي جداً. وسنقوم بكل الإجراءات اللازمة لكل من يتطاول على أبطالنا".
وعلّقت الأوسترالية كاتلين باركر التي تنافس في وزن 75 كلغ ولن تواجه الجزائرية أو التايوانية: "لا أوافق على السماح بذلك، خاصة في الرياضات القتالية حيث يمكن أن يكون الأمر خطيراً للغاية".
من جهته، شرح أدامز إن تحديد معايير الأهلية للرياضة النسائية كان "معقداً بشكل لا يصدق" ويجب أن تقوم به الاتحادات، مضيفاً "الجميع يحبذ الحصول على إجابة واحدة: نعم أم لا".
وتابع: "تحتاج الاتحادات إلى وضع القواعد للتأكد من وجود العدالة لكن أيضاً القدرة على مشاركة كل من يريد ذلك".
وأوضح أدامز الذي اعتبر أنه في غياب اتحاد دولي للملاكمة لن تعتمد هذه الرياضة في أولمبياد لوس أنجلس 2028، أن "التستوستيرون ليس اختباراً مثالياً. يمكن أن يساوي لدى العديد من النساء معدلات الذكور، ومع ذلك يشاركون مع النساء. لذا فأن فكرة اجراء اختبار واحد للتستوستيرون لحل المشكلة فجأة ليست صحيحة...".